للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التَّنَكُب (١) عن رواية المتقدمين عنه، قبل احتراق كُتُبِه (٢)؛ لِمَا فيها من الأخبار المدلسة عن المتروكين (٣)، ووجب ترك الاحتجاج برواية


= هنا لأصل كلام ابن حبان، كما أشرت من قبل، ولو رجعنا إلى نص كلامه كما قدمته، في التعليق السابق، فسنجده قد ذكر أن هذا الصنيع حصل من ابن لهيعة بعد احتراق كتبه فقط، وذلك كان قبل موته باربع سنوات تقريبًا، وقد قدمت بيان أن من كان يدفع إليه ما ليس من حديثه هم بعض من لا يتقي الله من الرواة عنه، ولكنه كان يعتمد على تقريرهم له أن هذا من حديثك، إحسانًا للظن بهم، وتساهلًا في الأداء، وعليه فلم يكن هذا شأن ابن لهيعة في الكثير من أدائه، وبالتالي لم يكثر في حديثه ما ليس من روايته، كما قد يتبادر من سياق تلك العبارة، بعد حذف تحديد ابن حبان للزمن الذي حصل فيه ذلك من حياة ابن لهيعة، نعم إن الخطأ في تلك المرحلة كان أكثر، لاجتماع عاملين معًا وهما: ما احترق من كتب ابن لهيعة، وزيادة سوء حفظه بسبب مرضه بالفالج كما تقدم، لكن قلة تلك الفترة بالنسبة لباقي عمره الذي قارب الثمانين، مع قلة من كان يدفع إليه ما ليس من حديثه، يفيد ذلك أن أغلب رواياته، لا يعيبها إلا تدليسه، وسوء حفظه، وبالتالي يحتج من حديثه عمومًا، بما لم يدلسه، وتوبع عليه، كما قدمت ذكره قريبًا.
ومما يؤيد قلة التخليط الذي وقع في حديثه قول أحمد بن صالح المصري وهو ممن وصف ابن لهيعة بالتساهل في الأداء قال: ابن لهيعة ثقة وما رُوي عنه من الأحاديث التي فيها تخليط يُطرح ذلك التخليط ... (تهذيب التهذيب: ٥/ ٣٧٨).
(١) أي الإعراض عن قبول تلك الروايات، وتجنب الاحتجاج بها، كما يتضح من باقي كلامه الآتي، وانظر: المعجم الوسيط مادة "نكب" ٢/ ٩٥٠.
(٢) تقدم بيان أنه احترق بعض كتبه الفرعية فقط، دون أصولها.
(٣) تعليل ترك روايات المتقدمين جميعها عن ابن لهيعة قَبْل احتراق كتبه، بأنه لأجل ما فيها من روايات مدلسة، تعليل غير كاف لرد الجميع بما فيه غير المدلس، =

<<  <  ج: ص:  >  >>