للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= لهيعة، نذكر خلاصة رأي اثنين من أشهر محققين المتأخرين في بيان حال ابن لهيعة، وهما الذهبي وابن حجر، أما الذهبي فقال في تذكرة الحفاظ ١/ ٢٣٨، ٢٣٩: ولم يكن -على سعة علمه- بالمتقن، حدث عنه ابن المبارك، وابن وهب، وأبو عبد الرحمنِ المقري، وطائفة، قبل أن يكثر الوهم في حديثه، وقبل احتراق كتبه، فحديث هؤلاء عنه أقوى، وبعضهم يصححه، ولا يرتقي إلى هذا، ثم ختم ترجمته بقوله: "قلت: يروي حديثه في المتابعات، ولا يحتج به".
وقول الذهبي عن حديث العبادلة عن ابن لهيعة: "وبعضهم يصححه" لم يحدد لنا أحدًا من هؤلاء البعض حتى ننظر في تصحيحه، وقد تقدم في التعليق على الترجمة بيان أن من وصف رواية هؤلاء العبادلة أو بعضهم بأنها "أصح" أو "صحيحة" فمرادهم بذلك أنها أقوى الضعيف، وليس الصحة الاصطلاحية، وأيدت ذلك بالأدلة والأمثلة. ص: ٨٠٠ ت وما بعدها.
وقول الذهبي في عبارته السابقة بعد الإشارة إلى من صحح حديث العبادلة عنه: "ولا يرتقي إلى هذا" قد يفهم منه أنه يقصد نزوله إلى ما دون الصحيح، وهو الحسن لذاته، ولكن ختامه للترجمة، بأنه لا يحتج به، ينفي هذا.
وفي سير النبلاء ٨/ ١١ استهل ترجمته لابن لهيعة بوصفه بالإمام العلامة، ثم قال بعد ذلك ٨/ ١٣: "وكان من بحور العلم، على لين في حديثه"، ثم ذكر بعد ذلك أيضًا قول الليث عند وفاة ابن لهيعة: إنه "ما خلَف بعده مثلُه" وعقب على ذلك بقوله: لا ريب أن ابن لهيعة كان عالم الديار المصرية هو والليث معًا، ... ولكن ابن لهيعة تهاون بالإتقان، وروى مناكير، فانحط عن رتبة الاحتجاج به عندهم، وبعض الحفاظ يروي حديثه، ويذكره في الشواهد والاعتبارات، والزهد والملاحم، لا في الأصول، وبعضهم بالغ في وَهْنِه، ولا ينبغي إهداره، وتتجنب نلك المناكير، فإنه عدل في نفسه، ثم قال: وما رواه عنه ابن وهب والمقري والقدماء، فهو أجود/ السير: ٨/ ١٤، ثم ذكر قول أحمد: "من كتب عنه قديمًا فسماعه صحيح"، وعلق عليه بقوله: لأنه لم يكن بعدُ تساهل وكان أمره مضبوطًا، فأفسد نفسه/ السير: ٨/ ٢١. وقد تقدم أن تساهله كان في الأداء =

<<  <  ج: ص:  >  >>