للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مسلم أن يكرم قبلة الله أن يستقبلَها، فإنما سمع -والله أعلم- حديث أبي أيوب عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فأنزل ذلك على إكرام القبلة، وهي أهل أن تُكَرَّم، والحال في الصحارى، كما حدَّث أبو أيوب، وفي البيوت، كما حدَّث ابن عمر، لا أنهما مختلفان.

قال الشيخ أبو العباس القرطبي (١) وقد ذهب بعض مَنْ مَنع استقبال القبلة واستدبارَها مطلقًا، إلى أن حديث ابن عمر، لا يصلُح لتخصيص حديث أبي أيوب؛ لأنه فِعْل، في خَلْوة، وهو مُحتمِل للخصوص، وحديث أبي أيوب، قول، قُعِّدَتْ به القاعدة، فبقاؤُه/ على عمومه، أولى (٢).


(١) في المفهم، شرح مختصره لصحيح مسلم ١/ ٩٤ ب.
(٢) لم يحدد القرطبي القائلين بهذا الجواب عن حديث ابن عمر، وقد تقدم في ص ٦١٤، ٦١٧ أن أبا أيوب الأنصاري أخذ بعموم النهي في حديثه، إما لأنه لم يبلغه حديث ابن عمر وما في معناه، أو أنه بلغه، ولكن لم يره مخصصًا/ وانظر ما علقته عليه هناك.
وذكر ابن العربي في العارضة ١/ ٢٧ أن حديث أبي أيوب لا يعارضه حديث ابن عمر ولا حديث جابر، لأربعة أوجه، وذكر في أولها: أن حديث أبي أيوب قَوْل، وحديث كل من جابر وابن عمر فِعْل، ولا معارضة بين القول والفعل، وذكر في رابعها: أن هذا الفعل لو كان شرعًا -يعني عامًا- لما تستر به الرسول -صلى الله عليه وسلم-. أقول: والمعارضة هي التي ينبني عليها القول بالتخصيص أو بالنسخ أو بالخصوصية؛ فنفي المعارضة دَفْع لما بُني عليها، انظر العدة للصنعاني ١/ ٢٤٩.
وذكر الرازي وأبو الحسين البصري: أن الكرخي يرى إجراء النهي -كما في حديث أبي أيوب- على إطلاقه في الصحراء والبنيان، وفِعْلُه -صلى الله عليه وسلم- كما في =

<<  <  ج: ص:  >  >>