للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتُحدِّث به، سيما وأهل بيته كانوا ينقلون ما يفعله في بيته من الأمور المشروعة (١).

وأما دعوى الخصوص، فقال أبو العباس: لو سمعها النبي -صلى الله عليه وسلم- لغضب على مدعيها، كما قد غضب على من ادعى تخصيصه (٢) بجواز


(١) زيادة من المفهم ١/ ٩٤ ب.
يؤيد جواب القرطبي هذا ما ذكره الصنعاني، حيث إنه ذكر خلاصة ما تقدم قريبًا عن ابن دقيق العيد في تقوية مَنْ زَعم خصوصية ما في حديث ابن عمر، ثم عقب على قول ابن دقيق العيد عقب هذا: "وفيه بحث"، فقال: كأنه -يعني ابن دقيق العيد- أنه قد يُقال: رواية الواحد كافية في التبليغ، وكم من فعل، ومن حديث لم يروه إلا واحد، مع عموم حكمه للأمة، وأما كونه لم يقصده ابن عمر، فكثير مما يتحمله الراوي ويبلغه من الأقوال والأفعال يكون اتفاقيًا له، لم يأت له، ولا قصده بل يقصد أمرًا آخر فتحصل له الإفادة اتفاقًا، ولا يقول أحد بأنه لا يصلح التحمل إلا لِمن قصده، وكونه -صلى الله عليه وسلم- يفعل في غيبة الناس ما يَنهَى عنه، يتنزه عنه جانبه الشريف، بل يحتمل أنه فعله للإبلاغ، وقد أعلمه الله أنه يُطلِع عليه من يبلّغ ذلك كما وقع/ العُدة مع إحكام الأحكام ١/ ٢٤٩.
لكن الصنعاني بعد تأييد عموم حديث ابن عمر هكذا، فَرَّع عليه قولًا في مسألة الاستقبال للقبلة عند قضاء الحاجة فقال: "ويكون هذا الفعل منه -صلى الله عليه وسلم-، لبيان أن النبي للكراهة، لا للتحريم، سواء في ذلك العمران والصحارى، ثم رد على من وصف هذا القول بأنه بعيد جدًّا/ العُدة/ الموضع السابق، أقول: وقد تقدم في الأصل والتعليق عليه في شرح هذا الباب وما قبله أن أعدل الآراء هو القول بالتخصيص، لما فيه من العمل بمخْتلِف الأدلة، وبه يتأيد من استبعد القول الذي ذكره الصنعاني، وإن حاول هو تقويته.
(٢) في "م" "ادعى الخصوص فقال تخصيصه ... إلخ" وما في الأصل مطابق للمفهم ١ / ل ٩٤ ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>