للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الذي يفرق] (١) فيه بين الاستقبال والاستدبار، فيمنع الاستقبال، ويباح الاستدبار (٢)، وذلك، أن حديث أبي أيوب عام فيهما معًا، والعام إذا ثبت تخصيصه في صورة، كان فيما عداها باقيًا على عمومه، ولم يَخُص حديثُ ابن عمر، مما تناوله حديثُ أبي أيوب، إلا الاستدبار فقط، فَبقي الاستقبال المنهى عنه في حديث أبي أيوب بِحَاله (٣)


(١) في الأصل "فيفرق" وما أثبته من "م".
(٢) تقدم هذا المذهب في شرح الباب السابق ص ٥٨٧ وما بعدها، واقتصر هناك على أنه استدل له بحديث سلمان المتضمن للنهي عن الاستقبال فقط، وقد بينت في التعليق ص ٥٨٩ أنه استدل له أيضًا بحديث عمر هذا، ولكن على أنه ناسخ لحديث النهي لا مخصص، كما سيذكره المؤلف في باقي كلامه الآتي، وقد رد غير واحد هذا المذهب، لمخالفته للأحاديث الصحيحة المصرحة بالنهي عن الاستقبال والاستدبار معًا / انظر ص ٥٨٩ ت.
(٣) من قول المؤلف قبل هذا: "إن حديث أبي أيوب عام" إلى هنا، هو من كلام شيخه ابن دقيق العيد، مع تصرف، إلا أن شيخه قد أورده اعتراضًا على من خصص حديث أبي أيوب، بحديث ابن عمر، فجعله دليلًا على جواز الاستقبال والاستدبار معًا للقبلة في البنيان، مع أنه ليس فيه إلا ذكر الاستدبار فقط/ انظر إحكام الأحكام ١/ ٢٥٠.
أما المؤلف فذكره كما ترى لبيان وجه تخصيص جواز الاستدبار فقط سواء في البناء أو الفضاء، من عموم حديث أبي أيوب في النهي عن الاستقبال والاستدبار كذلك. وهذا أيضًا تخصيص غير مسلم به، لكون حديث ابن عمر يشمل صورة واحدة من عموم الاستدبار، وهي ما كان في البنيان، وعلى أي من الوجهين، فإن ابن دقيق العيد ذكر أنه لا يُقال: إن حديث ابن عمر مخصص لحديث أبي أيوب إلا إذا كان حديث أبي أيوب بلفظ واحد عام يَشْمل الاستقبال والاستدبار، فيخرج الاستدبار، من هذا اللفظ الواحد ويبقى الاستقبال، والحال ليس كذلك؛ لأن حديث أبي أيوب جملتان منفصلتان كل منهما عامة في محلها، =

<<  <  ج: ص:  >  >>