للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما حديث جابر: "فرأيته قبل أن يُقبَض بعام يستقبلها" ئضمن (١) أيضًا الاستقبال، فاستفيد الحُكمان من الحديثين معًا (٢)،


(١) في "م" "تظمن" بالماء بدل الضاد، وهذه لهجة سمعتها من أهل نجد والحرمين، كما وجدت بعض طلابي بمدينة الرياض عاصمة المملكة العربية السعودية، وهم في المرحلة الجامعية يكتبون الضاد ظاء، وهكذا سمعتها من بعض الهنود والأفغان، وتلك النسخة ذات الرمز "م" منسوخة في المدينة المنورة، فتأثر كاتبها بتلك اللهجة.
(٢) جرى المؤلف على ما سبق تقريره له من أن فعل الرسول -صلى الله عليه وسلم- يدل بمفرده على الجواز على الأقل، وقد تقدم تحقيق أن: استفادة الحكم من الفعل تكون بقرينة أو دليل آخر، وقوله: "استفيد الحكمان من الحديثين" إن كان مراده بالحُكمين الاستقبال والاستدبار المطلقين، فحديث ابن عمر مُقيد بالبنيان، وإن كان مراده الاستقبال المقيد بالبنيان فقط فحديث جابر مطلق، ولذا قال الشوكاني: إن حديث جابر يَرُدُّ على من قال بجواز الاستدبار فقط، سواء قيده بالبنيان، كما ذهب إليه البعض، أو لم يقيده كما ذهب إليه آخرون، ويَرد أيضًا على من قيد جواز الاستقبال والاستدبار بالبنيان لعدم التقييد من جابر.
ولِتلَافي هذا الرد ذكر الحافظ ابن حجر: أن حديث جابر محمول على أنه رآه -صلى الله عليه وسلم- في بناء ونحوه؛ لأن ذلك هو المعهود من حاله -صلى الله عليه وسلم-، لمبالغته في التستر/ الفتح ١/ ٢٤٥ ثم قال في موضع آخر: في الاحتجاج به نظر؛ لأنه حكاية فعل لا عموم لها، فيحتمل أن يكون لعذر، ويحتمل أن يكون في بنيان ونحوه، ومن ذلك ترى أن استفادة حكم الاستقبال من حديث جابر مختلف في تقريره، وليس مسلمًا على إطلاقه كما هو ظاهر ما ذكره المؤلف من أن حديث جابر استفيد منه الاستقبال، بل قال الشوكاني عن حديث ابن عمر أنه يمكن أن يقال فيه ما قيل في حديث جابر من احتمال أن يكون -صلى الله عليه وسلم- فعله لعذر، ورتب على ذلك أنه لا يتم للشافعية ومن معهم الاحتجاج به على تخصيص الجواز بالبنيان/ نيل الأوطار ١/ ١٠٠.
أقول: وأقرب ما يجاب به عن دفع الشوكاني لاستدلال الشافعية ومن معهم =

<<  <  ج: ص:  >  >>