للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أي توبة ذه؟! قال جرير بن عبد الله سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نظرة الفجأة, فقال: "أصرف بصرك" ١.

والمعروف عن أحمد وسائر الأئمة هو القول بصحة التوبة, وأحمد في هذه المسألة إنما أراد أن هذه ليست توبة عامة يحصل بسببها من التائبين توبة مطلقا, لو يرد أن ذنب هذا كذنب المصر على الكبائر, فإن نصوصه المتواترة عنه وأقواله الثابتة تنافي ذلك, وحمل كلام الإمام على ما يصدق بعضه بعضا أولى من حمله على التناقض. لاسيما إذا كان القول الآخر مبتدعا لم يعرف عن أحد من السلف, وأحمد يقول: إياك أن تتكلم في مسألة ليس لك فيها فهم, وكان من المحنة يقول: كيف أقول ما لم يقل, واتباع أحمد للسنة والآثار وقوة رغبته في ذلك, وكراهته لخلافه من الأمور المتواترة عنه يعرفها من يعرف حاله من الخاصة والعامة.

وما ذكروه من أن الخشية توجب العموم.

فجوابه أنه قد يعلم قبحها ولكن هواه يغلبه في أحدهما دون الآخر فيتوب من هذا دون ذلك, كمن أدى بعض الواجبات دون بعض, فإن ذلك يقبل منه.

ولكن المعتزلة لهم أصل فاسد وافقوا فيه الخوارج في الحكم وإن خالفوهم في الاسم, فقالوا: إن أصحاب الكبائر يخلدون في النار ولا يخرجون منها بشفاعة


١- مسلم: كتاب الأدب/ باب نظرة الفجأة.
أبو داوود: كتاب النكاح/باب ما يؤمر به من غض البصر.

<<  <   >  >>