للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فساق أهل الملة: ١

إن أهل السنة متفقون على أن الفساق أهل الملة –وإن دخلوا النار, أو استحقوا دخولها فإنهم- لا بد أن يدخلوا الجنة فيجتمع فيهم الثواب والعقاب, ولكن الخوارج والمعتزلة تنكر ذلك, وترى أن من استحق العقاب لا يستحق الثواب. والمسألة مشهورة.

وأما جواز الدعاء للرجل وعليه فبسط هذه المسألة في الجنائز, فإن موتى المسلمين يصلى عليهم برهم وفاجرهم, وإن لعن الفاجر مع ذلك بعينه أو بنوعه لكن الحال الأول أوسط وأعدل, وبذلك أجبت المغل بولاي, لما قدموا دمشق في الفتنة الكبيرة, وجرت بيني وبينه وبين غيره مخاطبات, فسألني فيما سألني: ما تقولون في يزيد؟ فقلت: لا نسبه ولا نحبه, فإنه لم يكن رجلا صالحا فنحبه ونحن لا نسب أحدا من المسلمين بعينه. فقال: أفلا تلعنونه؟ أما كان ظالما؟ أما قتل الحسين؟.

فقلت له: نحن إذا ذكر الظالمون كالحجاج بن يوسف وأمثاله: نقول كما قال الله في القرآن: {أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ} ٢ ولا نحب أن نلعن أحدا بعينه, وقد لعنه قوم من العلماء, وهذا مذهب يسوغ فيه الاجتهاد, لكن ذلك القول أحب إلينا وأحسن.

وأما من قتل الحسين أو أعان على قتله أو رضي بذلك فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين, لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا.


١- ص ٤٨٦ ج ٤ مجموع الفتاوى.
٢- الآية ١٨ هود.

<<  <   >  >>