ولهذا كان فيهم وجهان في مذهب أحمد وغيره على الطريقة الأولى: أحدهما أنهم بغاة. والثاني أنهم كفار كالمرتدين, يجوز قتلهم ابتداء, وقتل أسيرهم, واتباع مدبرهم, ومن قدر عليه منهم استتيب كالمرتد فإن تاب وإلا فقتل: كما أن مذهبه في مانعي الزكاة إذا قاتلوا الإمام عليها, هل يكفرون مع الإقرار بوجوبها؟ على روايتين.
وهذا كله مما يبين أن قتال الصديق لمانعي الزكاة, وقتال علي للخوارج, ليس مثل القتال يوم الجمل وصفين. فكلام علي وغيره في الخوارج يقتضي أنهم ليسوا كفارا كالمرتدين عن أصل الإسلام, وهذا هو المنصوص عن الأئمة كأحمد وغيره, وليسوا مع ذلك حكمهم كحكم أهل الجمل وصفين, بل هم نوع ثالث. وهذا أصح الأقوال الثلاثة فيهم.