للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حسنات القاتل.

فمن تمام التوبة أم يستكثر من الحسنات حتى يكون له ما يقابل حق المقتول, ولعل ابن عباس رأى أن القتل أعظم الذنوب بعد الكفر فلا يكون لصاحبه حسنات تقابله حق المقتول, فلا بد أن يبقى له سيئات يعذب بها, وهذا الذي قاله قد يقع من بعض الناس, فيبقى الكلام فيمن تاب وأخلص, وعجز عن حسنات تعادل حق المظلوم, هل يجعل عليه من سيئات المقتول ما يعذب به؟ وهذا موضع دقيق على مثله يحمل حديث ابن عباس, لكن هذا كله لا ينافي موجب الآية, وهو أن الله تعالى يغفر كل ذنب, الشرك والقتل والزنا, وغير ذلك من حيث الجملة, فهي عامة في الأفعال مطلقة في الأشخاص.

ومثل هذا قوله: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} ١ عام في الأشخاص مطلق في أحوال الأرجل, إذ قد تكون مستورة بالخف واللفظ لم يتعرض على الأحوال.

وكذلك قوله تعالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُم} ٢ عام في الأولاد عام في الأحوال, إذ قد يكون الولد موافقا في الدين ومخالفا وحرا وعبدا. واللفظ لم يتعرض إلى الأحوال.

وكذلك قوله: {يَغْفِرُ الذُّنُوب} عام في الذنوب مطلق في أحوالها, فإن الذنب قد يكون صاحبه تائبا منه, وقد يكون مصرا, واللفظ لم يتعرض لذلك, بل الكلام يبين أن الذنب يغفر في حال دون حال, فإن الله أمر بفعل ما تغفر به الذنوب ونهى عما به يحصل العذاب يوم القيامة بلا مغفرة فقال:


١-الآية ٥ التوبة.
٢-الآية ١١ النساء.

<<  <   >  >>