فهكذا الواحد من الملوك, وإن كان صدر منه ما هو ظلم فإن ذلك لا يوجب أن نلعنه ونشهد له بالنار, ومنت دخل في ذلك كان من أهل البدع والضلال, فكيف إذا كان للرجل حسنات عظيمة يرجى له بها المغفرة مع ظلمه! كما ثبت في صحيح البخاري عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"أول جيش يغزو قسطنطينية مغفور له" ١, وأول جيش غزاها كان أميرهم "يزيد ابن معاوية" وكان معه في الغزاة أبو أيوب الأنصاري, وتوفي هناك, وقبره هناك إلى الآن. ولهذا كان المقتصدون من أئمة السلف يقولون في يزيد وأمثاله: إنا لا نسبهم ولا نحبهم, أي لا نحب ما صدر منهم من ظلم, والشخص الواحد يجتمع فيه حسنات وسيئات, وطاعات ومعاصي, وبر وجور وشر, فيثيبه الله على حسناته, ويعاقبه على سيئاته إن شاء أو يغفر له, ويحب ما فعله من الخير ويبغض ما فعله من شر.