للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحق, وغمط الناس" ١ وبطر الحق جحده ودفعه, وغمط الناس ازدراؤهم واحتقارهم فمن في قلبه مثقال ذرة من هذا يوجب له أن يجحد الحق الذي يجب عليه أن يقربه, وأن يحتقر الناس, فيكون ظالما لهم متعديا عليهم, فمن كان مضيعا للحق الواجب, ظالما للخلق, لم يكن من أهل الجنة, ولا مستحقا لها, بل يكون من أهل الوعيد.

فقوله: "لا يدخل الجنة" متضمن لكونه ليس من أهلها, ولا مستحقا لها لكن إذا تاب, أو كانت له حسنات ماحية لذنبه, أو ابتلاه الله بمصائب كفر بها خطاياه, ونحو ذلك, زال ثمرة هذا الكبر المانع له من الجنة, فيدخلها, أو غفر الله له بفضل رحمته من ذلك الكبر نفسه, فلا يدخلها ومعه شيء من الكبر, ولهذا قال: من قال في هذا الحديث وغيره: إن المنفي هو الدخول المطلق الذي لا يكون معه عذاب, لا الدخول المقيد الذي يحصل لمن دخل النار ثم دخل الجنة, فإنه إذا أطلق في الحديث فلان في الجنة, أو فلان من أهل الجنة, كان المفهوم أنه يدخل الجنة ولا يدخل النار.

فإذا تبين هذا كان معناه أن من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر ليس هو من أهل الجنة, ولا يدخلها بلا عذاب, بل هو مستحق للعذاب لكبره, كما يستحقها غيره من أهل الكبائر, ولكن قد يعذب في النار ما شاء الله, فإنه لا يخلد في النار احد من أهل التوحيد, وهذا كقوله: "لا يدخل الجنة قاطع رحم" ٢


١-مسلم: كتاب الإيمان/ باب تحريم الكبر وبيانه.
أحمد: (١٧/٢٨٨ الفتح الرباني) .
الترمذي: كتاب البر والصلة/ باب ما جاء من الكبر وقال: هذا حديث حسن صحيح غريب (وفيه: الكبر بطر الحق وغمص الناس) .
٢- البخاري: كتاب الأدب/ باب إثم القاطع.
مسلم: كتاب ابر والصلة/ باب صلة الرحم وتحريم قطيعتها ولكن بدون لفظ (رحم) .

<<  <   >  >>