للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم قد صرح من شاء من العلماء المعروفين بالسنة أن الشكر يكون بالاعتقاد والقول والعمل, وقد دل على ذلك الكتاب والسنة.

قلت: وباب سجود الشكر في الفقه أشهر من أن يذكر, وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم عن سجدة سورة (ص) "سجدها داوود توبة, ونحن نسجدها شكرا" ١. ثم من الذي قال من أئمة السنة: إن الشكر لا يكون إلا بالاعتقاد؟.

قال ابن المرحل: هذا قد نقل, والنقل لا يمنع, لكن لا يستشكل. ويقال: هذا مذهب مشكل.

قال شيخ تقي الدين ابن تيمية: النقل نوعان: أحدهما: أن ينقل ما سمع أو رأى. والثاني: ما ينقل باجتهاد واستنباط. وقول القائل: مذهب فلان كذا, أو مذهب أهل السنة كذا, قد يكون نسبه إليه لاعتقاده أن هذا مقتضى أصوله, وإن لم يكن فلانا قال ذلك. ومثل هذا يدخله الخطأ كثيرا. ألا ترى أن كثيرا من المصنفين يقولون: مذهب الشافعي وغيره كذا, ويكون منصوصه بخلافه؟ وعذرهم في ذلك: أنهم رأوا أن أصوله تقتضي ذلك القول, فنسبوه إلى مذهبه من أجل الاستنباط, والخوارج يكفرون بالمعاصي. ثم رأى المصنف الكفر ضد الشكر-: اعتقد أنا إذا جعلنا الأعمال شكرا لزم انتفاؤها, ومتى انتفى الشكر خلفه الكفر, ولهذا قال إنهم بنوا على ذلك التكفير بالذنوب. فلهذا أعزي إلى أهل السنة إخراج الأعمال عن الشكر.

قلت: كما أن كثيرا من المتكلمين أخرج الأعمال عن الإيمان لهذه العلة.


١-لأخرجه النسائي: كتاب الصلاة/ باب سجود القرآن. وقال الحافظ في التلخيص (٢/٨) : أخرجه الشافعي والدارقطني والبيهقي. وإسناده صحيح.

<<  <   >  >>