ومن هذا الباب هجر الإمام أحمد للذين أجابوا في المحنة قبل القيد ولمن تاب بعد الإجابة, ولمن فعل بدعة ما, مع أن فيهم أئمة في الحديث والفقه والتصوف والعبادة, فإن هجره لهم والمسلمين معه لا يمنع معرفة قدر فضلهم, كما أن الثلاثة الذين خلفوا لما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بهجرهم لم يمنع ذلك ما كان لهم من السوابق, حتى قد قيل إن الاثنين منهما شهدا بدرا, وقد قال الله لأهل بدر:"اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم" ١ وأحدهم كعب بن مالك شاعر النبي صلى الله عليه وسلم وأحد أهل العقبة, فهذا "أصل عظيم" أن عقوبة الدنيا المشروعة من الهجران إلى القتل لا يمنع أن يكون المعاقب عدلا أو رجلا صالحا كما بينت من الفرق بين عقوبة الدنيا المشروعة والمقدورة, وبين عقوبة الآخرة والله سبحانه أعلم.
١-البخاري: كتاب الأدب/ باب من أكفر أخاه بغير تأويل فهو كما قال. مسلم: كتاب الإيمان/باب بيان حال إيمان من قال لأخيه المسلم يا كافر.