للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

التابعون وتابعوهم، ومنهم الإمام أبو حنيفة. فالكتاب والسنة الصحيحة هما المصدران الأساسيان في قضايا الدين عامة والاعتقاد خاصة.

روى ابن عبد البر في الانتقاء عن أبي حنيفة قال: "سمعت أبا حنيفة يقول: "آخذ بكتاب الله فما لم أجد فبسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فما لم أجد في كتاب الله ولا في سنة رسول الله أخذت بقول أصحابه" ١.

وفي رواية أخرى قال: قال أبو حنيفة: "إذا لم يكن في كتاب الله، ولا في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، نظرت في أقاويل أصحابه، ولا أخرج عن قولهم إلى قول غيرهم، فإذا انتهى الأمر أو جاء الأمر إلى إبراهيم والشعبي وابن سيرين والحسن وعطاء وسعيد بن جبير وعدّد رجالا؛ فهم قوم اجتهدوا فأجتهد كما اجتهدوا" ٢.

فالحاصل أن ترتيب الأدلة عند الإمام على الترتيب الآتي:

الكتاب ثم السنة الصحيحة، ثم الأخذ بما ورد عن الصحابة في بيان قضايا الدين عامة وفي قضايا العقيدة خاصة، ولا يخرج عن أقوالهم إلى قول غيرهم؛ وذلك لسلامتهم من الأهواء والبدع، ولصفاء سرائرهم ونياتهم مع ما فضلوا به من مشاهدة التنزيل ومعاصرة الوحي.

هذا وقد أشيع عن الإمام أنه يخالف حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فيقدم الرأي والقياس على السنة والآثار والمعقول على المنقول.

فنفى الإمام عن نفسه هذه التهمة حيث قال: "كذب والله وافترى علينا من يقول إننا نقدم القياس على النص، وهل يحتاج بعد النص إلى قياس" ٣.


١ الانتقاء ص١٤٢.
٢ الانتقاء ص١٤٣.
٣ الميزان الكبرى ١/٦٥.

<<  <   >  >>