للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واحدة لأنهم أدركوا زمان الوحي وشرف الصحبة" ١.

وربما يحصل بينهم الاختلاف في بعض مسائل الأحكام خلافا لا يوجب الفرقة والتفسيق أو التكفير، بل هو اجتهاد منهم في فهم النص، فالمصيب منهم له أجران والمخطئ له أجر واحد.

قال ابن القيم: "وقد تنازع الصحابة رضي الله عنهم في كثير من مسائل الأحكام، وهم سادات المؤمنين وأكمل الأمة إيمانا ولكن بحمد الله لم يتنازعوا في مسألة واحدة من مسائل الأسماء والصفات والأفعال"٢.

وهذا هو حال من هم من غير الصحابة من المسلمين؛ فكانوا متفقين في خلافة أبي بكر وعمر وصدر من خلافة عثمان لا تنازع بينهم إلى أن قام أهل الفتنة ٣ والضلال والبغي بقتل عثمان رضي الله عنه، فتفرق المسلمون بعد ذلك. وأول فرقة فارقت جماعة المسلمين وخرجت على أمير المؤمنين علي رضي الله عنه، هي الخوارج فتبرأت من إمام المسلمين، وكفرته ومن معه من المسلمين، ومعاوية ومن معه، فعند ذلك ظهرت الشيعة تؤيد عليا وتنصره. ثم توالى بعد ذلك ظهور البدع، فحدثت في آخر عصر الصحابة بدعتا القدرية والمرجئة، ثم في أواخر الدولة الأموية ظهرت الجهمية ثم المعتزلة.

ويتطلب الحديث عن عقيدة الإمام أبي حنيفة إلمامة موجزة بالفرق والنحل التي في عصره لنعرف مدى تأثره بها أو مخالفته لها.

١- الخوارج

عرفنا أن الخوارج هم فئة خرجت على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه فكفروا المسلمين بفعل كبائر الذنوب، واستحلوا


١ مفتاح السعادة ٢/١٤٣ ط/دار الكتب العلمية.
٢ أعلام الموقعين ١/٤٩.
٣ انظر منهاج السنة ٦/٢٣١.

<<  <   >  >>