للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فمنها: قلبه الذي يعقل به، ويفقه ويعلم، وهو أمير بدنه الذي لا ترد الجوارح ولا تصدر إلا عن رأيه وأمره.

ومنها: عيناه اللتان ينظر بهما، وأذناه اللتان يسمع بهما، ويداه اللتان يبطش بهما، ورجلاه اللتان يمشي بهما، وفرجه الذي الباه من قِبَله، ولسانه الذي ينطق به، ورأسه الذي فيه وجهه.

فرض على القلب غير ما فرض على اللسان، وفرض على السمع غير ما فرض على العينين، وفرض على اليدين غير ما فرض على الرجلين، وفرض على الفرج غير ما فرض على الوجه.

فأما فرض الله على القلب من الإيمان: فالإقرار، والمعرفة، والعقد، والرضا، والتسليم بأن الله لا إله إلا هو وحده لا شريك له، لم يتخذ صاحبة ولا ولدا، وأن محمدا صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله، والإقرار بما جاء من عند الله من نبيٍّ أو كتاب فذلك ما فرض الله جل ثناؤه على الخلق وهو عمله:

{إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالأِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً} "سورة النحل: الآية١٠٦".

وقال: {أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} "سورة الرعد: الآية٢٨".

وقال: {مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ} "سورة المائدة: الآية٤١.

وقال: {وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَو تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ} "سورة البقرة: الآية٢٨٤".

فذلك ما فرض الله على القلب من الإيمان، وهو عمله، وهو رأس الإيمان.

<<  <   >  >>