٢ خالف المتكلمون السلف في مفهوم التنزيه حيث جعلوه معولا لهدم بنيان صفات الله الثابتة في الكتاب والسنة. وأول من أدخل النفي في التنزيه هم الجهمية فقد نقل عنهم الإمام أحمد أن توحيدهم غالبه سلوب وتابعهم بعد ذلك المعتزلة فقد نقل عنهم الأشعري في المقالات أنهم أجمعوا على: "أن الله واحد ليس كمثله شيء وهو السميع البصير وليس بجسم ولا شبه ولا جثة ولا صورة ولا لحم ولا دم ولا شخص ولا جوهر ولا عرض ولا بذي لون ولا طعم ولا رائحة ولا مجسة ولا بذي حرارة ولا برودة ولا رطوبة ولا يبوسة ولا طول ولا عرض ولا عمق ولا اجتماع ولا افتراق ولا يتحرك ولا يسكن ولا يتبعض وليس بذي أبعاض وأجزاء وجوارح وأعضاء وليس بذي جهات ولا == بذي يمين وشمال وأمام وفوق وتحت ولا يحيط به مكان ولا يجري عليه الزمان ولا يجوز عليه الماسة ولا العزلة ولا الحلول في الأماكن ولا يوصف بشيء من صفات الخلق. فهذه جملة قولهم في التوحيد وقد شاركهم هذه الجملة الخوارج وطوائف من المرجئة وطوائف من الشيعة. قال ابن أبي العزَّ الحنفي في بيان فساد هذه الأمة: " والمعطلة يعرضون عما قاله الشارع من الأسماء والصفات ولا يتدبرون معانيها ويجعلون ما ابتدعوه من المعاني والألفاظ هو المحكم الذي يجب اعتقاده واعتماده ... والمقصود أن غالب عقائدهم السلوب ليس بكذا ليس بكذا وأما الإثبات فهو قليل وهو أنه عالم قادر حي وأكثر النفي المذكور ليس متلقى عن الكتاب والسنة ولا عن الطرق العقلية التي سلكها غيرهم من مثبتي الذات فإن الله تعالى قال: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} "سورة الشورى: الآية١١". ففي هذا الإثبات ما يقرر معنى النفي ففهم أن المراد انفراده سبحانه بصفات الكمال فهو سبحانه وتعالى موصوف بما وصف به نفسه ووصفه به رسله ليس كمثله شيء في صفاته ولا في أسمائه ولا في أفعاله". انظر كتاب الرد على الجهمية للإمام أحمد ص١٠٥؛ مقالات الإسلاميين ص١٥٥؛ وشرح العقيدة الطحاوية ص٥٤؛ وراجع أيضا مجموع الفتاوى ١١/٤٨٣، ٤٨٤.