للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال البزدوي ١: "العلم نوعان علم التوحيد والصفات، وعلم الشرائع والأحكام، والأصل في النوع الأول هو التمسُّك بالكتاب والسنة ومجانبة الهوى والبدعة ولزوم طريق السنة والجماعة، وهو الذي عليه أدركنا مشايخنا وكان على ذلك سلفنا أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد وعامة أصحابهم. وقد صنف أبو حنيفة رضي الله عنه في ذلك كتاب الفقه الأكبر، وذكر فيه إثبات الصفات وإثبات تقدير الخير والشر من الله" ٢.

"ب" الإمام أبو حنيفة رحمه الله تعالى لا يعتمد على الرأي والمقايسات العقلية في إثبات الصفات بل يثبت الصفات بالكتاب والسنة، يدل على هذا قوله: "لا ينبغي لأحد أن ينطق في ذات الله بشيء، بل يصفه بما وصف به نفسه، ولا يقول فيه برأيه شيئا تبارك الله تعالى رب العالمين" ٣.

فصفات الله لا تعلم بالعقل فقط بل لا تعلم على التفصيل إلا بالوحي؛ فإنها من الغيب، والعقل قاصر وعاجز عن معرفة الغيب على التفصيل، بل العقول عاجزة عن تكييف صفات الرب سبحانه وتعالى؛ لأن الشيء إنما تعرف كيفيته بمشاهدته أو مشاهدة نظيره، والله تعالى لا نظير له. وإذا كانت عاجزة عن تكييف بعض المخلوقات كالروح


١ هو علي بن محمد بن الحسين بن عبد الكريم البزدوي نسبة إلى بزدة قلعة حصينة على ستة فراسخ من نسف.
قال عنه ياقوت: "الفقيه بما وراء النهر صاحب الطريقة على مذهب أبي حنيفة. روى عنه صاحبه أبو المعلى محمد بن نصر بن منصور المديني الخطيب وابنه القاضي أبو ثابت الحسن بن البزدوي" مات سنة ٤٨٨هـ، معجم البلدان ١/٤٠٩؛ والجواهر المضية ٢/٥٩٤.
٢ أصول البزدوي ص٣، كشف الأسرار عن أصول البزدوي ١/٧، ٨.
٣ شرح العقيدة الطحاوية ٢/٤٢٧ تحقيق د. التركي وجلاء العينين ص٣٦٨.

<<  <   >  >>