للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المؤمنين، وإنما التفاضل بينهم في الأعمال من الخشية والتقى ومخالفة الهوى وملازمة الأولى. وهذا يقتضي أن التصديق لا يزيد ولا ينقص، وفي هذا النص من الفقه الأكبر صرح بأن الإيمان يزيد وينقص، من جهة اليقين والتصديق. فيظهر والله أعلم أن كلمة "لا" في الجملة الأولى من خطأ النسّاخ ومحلّها الجملة الثانية لتكون العبارة هكذا: "وإيمان أهل السماء والأرض يزيد وينقص من جهة المؤمن به ولا يزيد ولا ينقص من جهة اليقين والتصديق".

لتتفق مع ما تقدم من كلام أبي حنيفة وما نقله الطحاوي.

ولكن شرّاح ١ الفقه الأكبر لم يروا هذا النص مشكلا؛ فخرجوه على الفرق بين اليقين وأصل التصديق فأصل التصديق لا يتفاوت، وأما اليقين فإنه مما يجري فيه التفاضل. وهذا عندي لا يرفع الإشكال؛ فإن اليقين ٢ هو التصديق الجازم الذي تستقر معه النفس فهو مرتبة من مراتب التصديق.

هذا ما استدل به الإمام أبو حنيفة، أما أصحابه فاستدلوا بما هو آت:

أولا: أن الأعمال تشارك الإيمان في اسم الطاعة، والعبادة دون اسم الإيمان. فبزيادة الأعمال تزداد الطاعة، والعبادة ولا أثر لها في زيادة الإيمان ٣.

ثانيا: "أن التصديق شيء بسيط لا يتجزأ ولا ينقسم، فلا يحتمل الزيادة والنقصان، لأنه لو اختل لتبدَّل بالتكذيب، وصار باطلا زائلا


١ انظر شرح الفقه الأكبر لأبي المنتهى المغنيساوي ص٣٣؛ وشرح الفقه الأكبر للقاري ص١٢٦، ١٢٧.
٢ انظر كتاب التعريفات ص٢٥٩؛ والمفردات ص٥٥٢؛ والمعجم الفلسفي ص٢١٦؛ والمعجم الوسيط ص١٠٦٦.
٣ تبصرة الأدلة ق-٣٩٩/أ.

<<  <   >  >>