للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ورد في الوصية عن أبي حنيفة أنه قال: "المؤمن مؤمن حقا والكافر كافر حقا وليس في الإيمان شك، كما ليس في الكفر شك لقوله تعالى: {أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقّاً لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ} "سورة الأنفال: الآية٤".

{أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقّاً} "سورة النساء: الآية١٥١" ١.

قال شارح الوصية: "أقول: إن من قام به التصديق فهو مؤمن حقا، ومن قام به خلافه فهو كافر حقا ... قال أهل السنة والجماعة: إذا أتى بالإيمان يقول أنا مؤمن حقا من غير شك ولا يقول: أنا مؤمن إن شاء الله..كذا في بحر الكلام" ٢.

واستدل أصحاب أبي حنيفة لمذهبه ذلك بوجوه:

أحدها: أنه تقرر أن الإيمان اسم للتصديق، والتصديق من المعاني الحقيقية المعلومة التي إذا تحققت في محل وجب إتصافه بها كالقعود والجلوس والسواد والبياض، ولا شك أن هذه الأوصاف إذا حصلت لشيء صح أن يقال له قاعد، جالس، أسود، أبيض، لا محالة بدون استثناء. فكذلك الإيمان إذا حصل لشخص صح أن يقال إنه مؤمن حقا بدون استثناء" ٣.

الثاني: "أن من فرق بين الاستثناء في كونه مؤمنا عنده، وبين الاستثناء في كونه مؤمنا عند الله بأن يقول: أنا مؤمن ـ أي عندي ـ بلا استثناء، ولكن أنا مؤمن عند الله إن شاء الله، فتفريقه هذا باطل لأن


١ الوصية مع شرحها لحسين بن اسكندر الحنفي ص٤.
٢ شرح كتاب الوصية ص٤.
٣ تبصرة الأدلة "٣٤٠/ب".

<<  <   >  >>