للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هذا آخر الحديث في حكم مرتكب الكبيرة. وقبل أن أختم الكلام عن اعتقاد الإمام أبي حنيفة في مسائل الإيمان أود أن أبيّن نوع الخلاف بينه وبين السلف هل هو حقيقي؟ أم لفظي؟.

فإلى الأول ذهب الألوسي وعبيد الله المباركفوري والألباني، قال الألوسي: "والحق أن الخلاف حقيقي وأن التصديق يقبل التفاوت بحسب مراتبه فما المانع من تفاوته قوة وضعفا كما في التصديق بطلوع الشمس والتصديق بحدوث العالم قلة وكثرة كما في التصديق الإجمالي والتصديق التفصيلي المتعلق بالكثير. وما عليّ إذا خالفت في بعض المسائل مذهب الإمام الأعظم أبي حنيفة رضي الله عنه للأدلة الكثيرة التي لا تكاد تحصى، فالحق أحق بالاتباع، والتقليد في مثل هذه المسائل من سنن العوام"١.

وقال المباركفوري: "وقد ظهر من هذا أن الاختلاف بين الحنفية وأصحاب الحديث اختلاف معنوي حقيقي لا لفظي، كما توهم بعض الحنفية" ٢.

وقال الألباني: "وليس الخلاف بين المذهبين اختلافا صوريا كما ذهب إليه الشارح بحجة أنهم جميعا اتفقوا على أن مرتكب الكبيرة لا يخرج عن الإيمان وأنه في مشيئة الله إن شاء عذبه، وإن شاء عفا عنه، فإن هذا الاتفاق وإن كان صحيحا فإن الحنفية لو كانوا غير مخالفين للجماهير مخالفة حقيقية في إنكارهم أن العمل من الإيمان؛ لاتفقوا معهم على أن الإيمان يزيد وينقص، وأن زيادته ونقصه بالمعصية مع تضافر أدلة الكتاب والسنة والآثار السلفية على ذلك" ٣.


١ روح المعاني ٩/١٧٦.
٢ مرقاة المفاتيح ١/٣٧.
٣ متن العقيدة الطحاوية بتعليق وشرح الألباني ص٤٢.

<<  <   >  >>