للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال البزدوي: "ونحن نتبع أبا حنيفة فإنه إمامنا ... وإنه كان يجوِّز تعليمه وتعلّمه والتصنيف فيه ولكن في آخر عمره امتنع عن المناظرة فيه ونهى أصحابه عن المناظرة فيه" ١.

وقد يتثبّت بعض من يشتغل بعلم الكلام من الحنفية في الفرار عن أقوال أبي حنيفة في ذم الكلام، بأن مراد أبي حنيفة وكل من ذمّ علم الكلام من السلف هو علم الكلام المذموم الذي كان عليه الجهمية والمعتزلة، أما علم الكلام الذي ينتحلونه فلا يدخل تحت ذلك الذم لأنه علم كلام محمود ٢.

والجواب عن هذا الإشكال أن علم الكلام كله مذموم ليس فيه حسن وسيّء. ومثل هذه الشبهة مثل من قسم البدعة إلى حسنة وسيئة.

والبرهان على ذلك أن علم الكلام الذي ذمه السلف وذم المشتغلين به ذما شديدا هو علم الكلام الذي من نتيجته وثمرته نفي صفات الله.

كالعلو، والاستواء، والنزول، والقول بخلق القرآن، والقول بالكلام النفسي، والقول بتقديم العقل على النقل. وهذا كله موجود عند كثير من الماتريدية والأشاعرة.

قال الإمام أحمد: "لا أحب الكلام في هذا إلا ما كان في كتاب الله أو حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أو الصحابة أو التابعين، فأما غير ذلك فإن الكلام فيه غير محمود" ٣.


١ أصول الدين للبزدوي ص٤.
٢ انظر شرح العقائد النسفية للتفتازاني ص٧؛ وشرح الإحياء للزبيدي ٢/٥٢، ٥٣.
٣ درء تعارض العقل والنقل ٧/١٥٥.

<<  <   >  >>