للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فهؤلاء ممن ذكرهم ابن حجر في مقدمته لـ "شرح البخاري" ١ هذا وقد قيل: إن أبا حنيفة رجع عن قوله ووافق السلف في أن الأعمال من الإيمان. قال ابن أبي العز الحنفي:

"والظاهر أن هذه المعارضات لم تثبت عن أبي حنيفة رضي الله عنه، وإنما هي من الأصحاب، فإن غالبها ساقط لا يرتضيه أبو حنفية. وقد حكى الطحاوي حكاية أبي حنيفة مع حماد بن زيد، وأن حماد بن زيد لما روى له حديث "أي الإسلام أفضل ... " ٢ قال له: ألا تراه يقول: أي الإسلام أفضل، قال: الإيمان، ثم جعل الهجرة والجهاد من الإيمان فسكت أبو حنيفة، فقال بعض أصحابه: ألا تجيبه يا أبا حنيف.

قال: بم أجيبه وهو يحدثني بهذا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم" ٣.

وبالجملة فهذه القصة على اعتبار صحتها، تشعر بأنه قد رجع، واتبع ما جاء به النص عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في أن الأعمال من الإيمان، وهذا هو المظنون به رحمه الله تعالى، فكيف لا وهو القائل: "إذا صح الحديث فهو مذهبي" ٤. وإن لم يكن رجع عن قوله في الإيمان، فعفا الله عنا وعنه وغفر الله له.


١ هدي الساري ص٤٥٩، ٤٦٠؛ وإيثار الحق على الخلق ص٤٠٥، ٤٠٦.
٢ أخرجه أحمد في المسند ٤/١٤٤، وعبد الرزاق في المصنف ١١/١٢٧، كلاهما من طريق أبي قدامة عن عمرو بن عتبة، ورواه الهيثمي في المجمع ١/٥٩ وقال: "رواه أحمد والطبراني في الكبير ورجاله ثقات".
٣ شرح الطحاوية ص٣٩٥، وانظر التمهيد لابن عبد البر ٩/٢٤٧.
٤ حاشية ابن عابدين ١/٦٧، ورسم المفتي ضمن مجموعة رسائل ابن عابدين ١/٤.

<<  <   >  >>