الثانية فإنه ارتباط من وجوه عديدة ويلزم من إمكان أحدهما إمكان الآخر ومن وقوعه صحة وقوع الآخر فحسن الاستدلال بأحدهما على الآخر
العاشر أنه سبحانه نبه بقوله {إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ} على أنه قد وكل عليه من يحفظ عليه عمله ويحصيه فلا يضيع منه شيء ثم نبه بقوله {إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ} على بعثه لجزائه على العمل الذي حفظ وأحصى عليه فذكر شأن مبدأ عمله ونهايته فمبدؤه محفوظ عليه ونهايته الجزاء عليه ونبه على هذا بقوله {يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ} أي تختبر وقال مقاتل تظهر وتبدو وبلوت الشيء إذا اختبرته ليظهر لك باطنه وما خفى منه والسرائر جمع سريرة وهي سرائر الله التي بينه وبين عبده في ظاهره وباطنه لله فالايمان من السرائر وشرائعه من السرائر فتختبر ذلك اليوم حتى يظهر خيرها من شرها ومؤديها من مضيعها وما كان لله مما لم يكن له قال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما يبدي الله يوم القيامة كل سر فيكون زيناً في الوجوه وشيناً فيها والمعنى تختبر السرائر بإظهارها وإظهار مقتضياتها من الثواب والعقاب والحمد والذم
وفي التعبير عن الأعمال بالسر لطيفة وهو أن الأعمال نتائج السرائر الباطنة فمن كانت سريرته صالحة كان عمله صالحاً فتبدو سريرته على وجهه نوراً وإشراقاً وحياء ومن كانت سريرته فاسدة كان عمله تابعاً لسريرته لا اعتبار بصورته فتبدو سريرته على وجهه