أعظم النعم وتمام العناية الإلهية ولهذا لما فقد البهائم والمجانين ونحوهم هذه القوة لم يتمكنوا مما تمكن منه أرباب الفكر ولما كان استخراج المطلوب بهذه الطريق يتضمن فكراً وتقديراً فيفكر في استخراج المادة أولاً ثم يقدرها ويفصلها ثانياً كما يصنع الخياط يحصل الثوب ثم يقدره ويفصله ثانياً قال تعالى عن التوحيد {ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً وَجَعَلْتُ لَهُ مَالاً مَمْدُوداً وَبَنِينَ شُهُوداً وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيداً ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ كَلَّا إِنَّهُ كَانَ لآياتنَا عَنِيداً سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ} فكرر سبحانه التقدير دون التفكير وذمه عليه دونه وهذا منزل على مقتضى حال سواء فانه بالفكر طالب لاستخراج المجهول وذلك غير مذموم فلما استخراجه قدر له تقديرين تقديراً كلياً وتقديراً جزئياً فالتقدير الكلي أن الساحر هو الذي يفرق بين المرء وزوجه والتقدير الجزئي أن الذي يفرق بين المرء وزوجه مذموم فههنا تقدير بعد تقدير فلهذا كرره سبحانه وذمه عليه وأما التفكير فإن الفكر طالب لمعرفة الشيء فلا يذم بخلاف من قدر بعد تفكيره ما يوصله إلى تحقيق الباطل وإبطال الحق فتأمله
[فصل]
ثم انزل إلى العين وتأمل عجائبها وشكلها وخلقها وإيداع النور الباصر فيها وتركيبها من عشر طبقات وثلاث رطوبات. ولكل واحد