قلت وكان هذا يلتفت إلى قوله تعالى {قل كونوا حجارة أو حديدا أو خلقا مما يكبر في صدوركم} أي إن كنتم كما تزعمون لا تبعثون بعد الموت خلقاً جديدا فكونوا خلقا لا يفنى ولا يبلى إما من حجارة أو من حديد أو أكبر من ذلك ووجه الملازمة ما تقدم ذكره وهو إما أن تقروا بأن لكم رباً متصرفاً فيكم ومالكاً لكم تنفذ فيكم مشيئته وقدرته يميتكم إذا شاء ويحييكم إذا شاء فكيف تنكرون قدرته على إعادتكم خلقاً جديداً بعدما أماتكم وإما أن تنكروا أن يكون لكم رب قادر قاهر مالك نافذ المشيئة فيكم والقدرة فيكم فكونوا خلقاً لا يقبل الفناء والموت فإذا لم تستطيعوا إن تكونوا كذلك فما تنكرون من قدرة من جعلكم خلقاً يموت ويحيا أن يحييكم بعد ما أماتكم فهذا استدلال يعجزهم عن كونهم خلقاً لا يموت والذي في الواقعة استدلال يعجزهم عن رد الروح إلى مكانها إذا قاربت الموت وليس بعد هذا الاستدلال إلا الإذعان والانقياد أو الكفر والعناد
[فصل]
فلما قام الدليل ووضح السبيل وتم البرهان على انهم مملوكون مربوبون مجزيون محاسبون ذكر طبقاتهم عند الحشر الأول والقيامة الصغرى وهي ثلاث طبقات طبقة المقربين وطبقة أصحاب اليمين وطبقة المكذبين فجعل تحية المقربين عند الوفاة الروح والريحان