للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وما تشاؤون إلا بأمر الله وهذا باطل قطعاً فإن المشيئة في القرآن لم تستعمل في ذلك وإنما استعملت في مشيئة التكوين كقوله {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ} وقوله {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا} وقوله {وَلَوْ شِئْنَا لآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا} وقوله {أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعاً} ونظائر ذلك مما لا يصح فيه حمل المشيئة على الأمر البتة

والذي دلت عليه الآية مع سائر أدلة التوحيد وأدلة العقل الصريح أن مشيئة العباد من جملة الكائنات التي لا توجد إلا بمشيئة الله سبحانه وتعالى فما لم يشأ لم يكن البتة كما أن ما شاء كان ولا بد

ولكن ههنا أمراً يجب التنبيه عليه وهو أن مشيئة الله سبحانه تارة تتعلق بفعله وتارة تتعلق بفعل العبد فتعلقها بفعله وهو أن يشاء من نفسه إعانة عبده وتوفيقه وتهيئته للفعل فهذه المشيئة تستلزم فعل العبد ومشيئته ولا يكفي في وقوع الفعل مشيئة الله لمشيئة عبده دون أن يشاء فعله فإنه سبحانه قد يشاء من عبده المشيئة وحدها فيشاء العبد الفعل ويريده ولا يفعله لأنه لم يشأ من نفسه إعانته عليه وتوفيقه له

وقد دل على هذا قوله تعالى {وَمَا تَشَاءُونَ إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} وقوله {وَمَا يَذْكُرُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ}

<<  <   >  >>