للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فأخبر تعالى أن ذلك {يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ} والمشهور في تفسير هذا الحرف أنه بمعنى يحرقون ولكن لفظة على تعطي معنى زائداً على ما ذكروه ولو كان المراد نفس الحرق لقيل يومهم في النار يفتنون ولهذا لما علم هؤلاء ذلك قال كثير منهم على بمعنى في كما تكون في بمعنى على والظاهر أن فتنتهم على النار قيل فتنتهم فيها لهم عند عرضهم عليها ووقوفهم عليها فتنة وعند دخولهم والتعذيب بها فتنة أشد منها ومن جعل الفتنة ههنا من الحريق أخذه من قوله تعالى {إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا} واستشهد على ذلك أيضاً بهذه اللفظة التي في الذاريات وحقيقة الأمر أن الفتنة تطلق على العذاب وسببه ولهذا سمى الله الكفر فتنة فهم لما أتوا بالفتنة التي هي أسباب العذاب في الدنيا سمى جزاءهم فتنة ولهذا قال {ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ} وكان وقوفهم على النار وعرضهم عليها من أعظم فتنتهم وآخر هذه الفتنة دخول النار والتعذيب بها ففتنوا أولاً بأسباب الدنيا وزينتها ثم فتنوا بإرسال الرسل إليهم ثم فتنوا بمخالفتهم وتكذيبهم ثم فتنوا بعذاب الدنيا ثم فتنوا بعذاب الموت ثم يفتنون في موقف القيامة ثم إذا حشروا إلى النار وقفوا عليها وعرضوا عليها وذلك من أعظم فتنتهم ثم الفتنة الكبرى التي أنستهم جميع الفتن قبلها

<<  <   >  >>