والعقاب بعدما تبين له من خلق الإنسان ما وصفناه وقال قتادة فمن يكذبك أيها الرسول بعد هذا بالدين
وعلى قول قتادة والفراء إشكال من وجهين أحدهما إقامة ما مقام من وأمره سهل والثاني أن الجار والمجرور يستدعى متعلقاً وهو يكذبك أي فمن يكذبك بالدين فلا يخلوا إما أن يكون المعنى فمن يجعلك كاذباً بالدين أو مكذبا به ولا يصح واحدا منهما أما الثاني والثالث فظاهر فإن كذبته ليس معناه جعلته مكذباً أو مكذباً وإنما معناه نسبته إلى الكذب فالمعنى على هذا فمن يجعلك بعد كاذباً بالدين وهذا إنما يتعدى إليه بالباء الفعل المضاعف لا الثلاثي فلا يقال كذب كذا وإنما يقال كذب به
وجواب هذا الإشكال أن قوله كذب بكذا معناه كذب المخبر به ثم حذف المفعول به لظهور العلم به حتى كأنه نسي وعدوا الفعل إلى المخبر به فإذا قيل من يكذبك بكذا فهو بمعنى كذبوك بكذا سواء أي نسبوك إلى الكذب في الأخبار به بل الأشكال في قول مجاهد والجمهور فإن الخطاب إذا كان للإنسان وهو المكذب أي فاعل التكذيب فكيف يقال له ما يكذبك أي يجعلك مكذباً والمعروف كذبه إذا جعله كاذبا لا مكذبا ومثل فسقه إذا جعله فاسقا لا مفسقا لغيره