للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نقلتها مما يدعونا إلى الاعتقاد باحتمال تعددها، وبسبب ذلك، واستنادا إلى منهجي في هذا البحث فسوف أعتمد إن شاء الله تعالى على رواية التي أعتقد أنها الأصح بين تلك الروايات، وهي رواية ابن عباس رضي الله عنهما في السنن التي ذكرت: "أن أعمى كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت له أم ولد١ شقية انزلقت في مهاوي الضلال، فأعماها الحقد والحسد للإسلام وأهله، مما جعلها "تكثر الوقيعة برسول الله صلى الله عليه وسلم، وتسبه، فيزجرها فلا تنزجر وينهاها فلا تنتهي"٢ فضاق بها ذرعًا لتماديها في أمر لا يُصبر على مثله، فقرر القضاء عليها على الرغم من حاجته الماسة إليها لضرارته، فضلا عن كونها أمًّا لولده، ولكن الإيمان وحب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وموالاتهما لا يدانيه حب مهما بلغ "فلما كانت ذات ليلة جعلت تقع في النبي صلى الله عليه وسلم وتشتمه، فأخذ المغول٣ فوضعه في بطنها واتكأ عليها فقتلها، فوقع بين رجليها طفل٤ فلطخت ما هناك بالدم"٥.

وفي صباح اليوم التالي يصل الخبر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأمر بجمع الناس، ثم قام فيهم خطيبا كعادته حينما يحدث أمر ما فقال: "أنشد الله رجلا فعل ما فعل لي عليه حق إلا قام" ٦.


=الحديث متصلا، ثم إن كان فيه إرسال لأن الشعبي يبعد سماعه من علي فهو حجة وفاقا؛ لأن الشعبي عندهم صحيح المراسيل، لا يعرف له مرسلا إلا صحيحا، ثم هو من أعلم الناس بحديث علي وأعلمهم بثقات أصحابه". هذا وقد ذكر ابن تيمية أنه يمكن أن تكون هذه القصة والتي قبلها واحدة، ويمكن أن تكون غيرها، كما أنه ساق قصة العصماء بنت مروان على اعتبار أنها قصة منفصلة. انظر شيخ الإسلام ابن تيمية، الصارم المسلول على شاتم الرسول (٦١-٦٨-٦٩-٩٥) .
١ من رواية النسائي عن ابن عباس رضي الله عنهما انظر. النسائي، سنن (٤/١٠٧) ، والألباني، صحيح سنن النسائي (٤/٨٥٣) .
٢ المصدر السابق.
٣ المغول: حديدة رقيقة لها حد ماض وقفا. ابن الأثير، النهاية في غريب الحديث (غول) .
٤ ربما كانت حاملا عندما قتلها فأسقطت ما في بطنها، أو أنه أحد ولديهما الصغيرين وقع بين رجليها، والله أعلم.
٥ من رواية أبي داود عن ابن عباس رضي الله عنهما. انظر أبي داود سنن (٤/٥٢٨-٥٢٩) .
٦ المصدر السابق.

<<  <   >  >>