للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وذكر أحمد: أن الوخم الذي شكوا منه هو من حمى المدينة١.

وفي رواية ابن إسحاق "فاستوبئوا، وطحلوا"٢٣، ولكن ابن القيم جزم بأن ذلك المرض "كان الاستسقاء"٤، وذلك بناء على الأعراض التي ظهرت عليهم حيث عظمت بطونهم، واصفرت ألوانهم٥، وكذلك الوصفة الدوائية٦ التي وصفها لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم حينما شكوا إليه ما أصابهم فقال:


١ انظر البنا، الفتح الرباني (١٨/١٥٨) ويُذْكر أن المدينة كانت موبوءة بحمى الملاريا في ذلك الوقت.
٢ أي عظمت طحالهم من المرض. القاموس (طحال) ، ابن الأثير، نهاية (٥/١٤٤) .
٣ ابن هشام، سيرة (٤/٦٤١) .
٤ ابن القيم، زاد المعاد (٤/٤٦) ، قال ابن سينا: الاستسقاء مرض مادي سببه مادة غريبة باردة تتخلل الأعضاء، وتربو فيها، إما الأعضاء الظاهرة كلها، وإما الموضع الخالية من النواحي التي فيها تدبير الغذاء والأخلاط، وأقسامه ثلاثة:
لحمي: ويكون السبب فيه مادة مائية بلغمية تفشو مع الدم في الأعضاء.
والثاني: زقي –يكون السبب فيه مادة مائية تنصب إلى فضاء الجوف الأسفل وما يليه.
والثالث: طبلي –ويكون السبب فيه مادة ريحية تفشو في تلك النواحي. ابن سينا، القانون في الطب (٢/٣٨٤) .
وقد عرف الطب الحديث الاستسقاء (Ascites) بأنه عبارة عن تجمع كمية أكبر من الطبيعي من السوائل في التجويف البريتوني (الغشاء المبطن للبطن) ويكون مصحوبا بقلة تركيز الدم، وتورم في الجسم، وقلة في البول، وهذه الأعراض المرضية هي انعكاس للخلل الذي يحدث في الأملاح المعدنية، والماء، والبروتين التي تكون أحد مضاعفات أمراض الكبد، فإذا ما قل الضغط الإسموزي في بلازما الدم بسبب نقص تناول المواد البروتينية، أو خلل في الكبد، فإن السوائل يتم رشحها في الغشاء البريتوني وذلك ما يسبب انتفاخ البطن.
LOOK: ADAMES BRAUNWALD' PETERSDOROF' WISON' PRINSIPLES OF INTERNAL MEDICINE (١٤٨١-١٤٨٢) .
٥ وقع ذلك عند النسائي، سنن (٧/٩٨) ، وانظر الألباني، صحيح سنن النسائي (٣/٨٤٨) وقال عنه: صحيح الإسناد، وانظر ابن سينا، القانون في الطب (٢/٣٨٣) .
٦ يقول ابن القيم: ولما كانت الأدوية المحتاج إليها في علاجه هي الأدوية الجالية التي فيها إطلاق معتدل، وإدرار بحسب الحاجة، وهذه الأمور موجودة في أبوال الإبل وألبانها، أمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بشربها، فإن في لبن اللقاح جلاءً، وتليينا، وإدرارا وتلطيفا، وتفتيحا للسدد، إذ كان أكثر رعيها الشيح، والقيصوم، والبابونج، والأقحوان، والإذخر وغير ذلك من الأدوية النافعة للاستسقاء. ابن القيم، زاد (٣/٤٧) وقال ابن سينا: ولا تلتفت إلى ما يقال: من أن طبيعة اللبن مضادة للاستسقاء، بل اعلم أنه دواء نافع، لما فيه من الجلا يرفق ولما فيه من خاصية، واعلم أن هذا اللبن شديد المنفعة، فلو أن إنسانا أقام عليه بدل الماء والطعام لشفي به، وقد جرب ذلك منه قوم دفعوا إلى بلاد العرب فقادتهم الضرورة إلى ذلك فعوفوا. وألبان اللقاح قد تستعمل وحدها، وقد تستعمل مخلوطة بغيرها من الأدوية، وقد يخلط بأبوال الإبل، وقد يقتصر عليها طعاما وشرابا. ابن سينا، القانون (٢/٣٩٢) .
وقد ذكر الدكتور أحمد ناظم النسيمي: أن هذا الاستنتاج خطأ، فإن الاستسقاء الحادث بسبب الكبد (أي الحبن يتشمع الكبد) لا يحدث في جماعة معا ولمدة غير طويلة، ففي الحديث السابق "فاجتووا المدينة"=

<<  <   >  >>