للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كان وفد ثقيف وهم يحاورون رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرفون في قرارة أنفسهم أنه لا بقاء لطاغوتهم اللات بعد هدم العزى، وتكسير هبل وإساف ونائلة، بل كانوا يتوقعون أن يكلفهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بهدمها، لذلك حاولوا ي ائسين مساومة رسول الله صلى الله عليه وسلم على إبقاء الربَّة –كما يسمونها- مدة من الزمن علهم يمهدون لذلك الأمر الخطير الذي كان في اعتقادهم فيه جرح لمشاعر ثقيف التي تعلقت بحب الرَّبة وتعظيمها كل هذه السنين، ومن ثم يحاولون إقناع ثقيف بقبوله كأمر واقع لا بد منه، وإن كانوا لحداثة عهدهم بالإسلام يخافون من انتقام الرَّبة لمجرد علمها بنيتهم في هدمها.

"قالوا له: أرأيت الرَّبة، ماذا تصنع فيها؟، قال: اهدموها، قالوا: هيهات، لو تعلم الرَّبة أنك تريد هدمها قتلت أهلينا"١.

ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم رفض مساومتهم بإصرار موضحًا لهم بالحسنى ربَّتهم الجاهلية اعتقاد زائف لا يسمح الإسلام باستمراره بعد الآن، وأن ما يخافون انتقامه وغضبه إنما هو حجر جامد لا يضر ولا ينفع، بل لا يستطيع أن يدفع عن نفسه الأذى.

وبعد محاورات وتداول للرأي فيما بينهم اقتنع الوفد، وأذعنوا لتعاليم الإسلام بل قاموا بأداء بعض تكاليفه والتي كانوا يساومون رسول الله صلى الله عليه وسلم على تركها٢.

وكان ذلك مصداقا لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "سيتصدقون، ويجاهدون إذا أسلموا" ٣.


=عمر بن شبه، تاريخ (٢/٥٠٧) ، وفي سنده عبد الرحمن بن أبي الزناد المدني، صدوق تغير حفظه لما قدم بغداد. ابن حجر، تقريب (٣٤٠) .
١ المصادر السابقة.
٢ تذكر بعض الروايات أنهم بدأوا يصلون مع المسلمين ويصومون بقية شهر رمضان. انظر ابن هشام، سيرة (٤/٥٤٠-٥٤١) ، والواقدي، مغازي (٣/٩٦٨) ، والبيهقي، دلائل (٥/٣٠٥) .
٣ رواه أبو داود، سنن، كتاب الخراج والفيء، باب ما جاء في خبر الطائف (٣/١٦٣) .

<<  <   >  >>