ذلك مناف للألوهية عند العقل، قالوا في الجواب: لا مجال للعقل الحقير البشري في مثل هذه الأمور التي طورها فوق طور العقل. فأشبهوا في ذلك النصارى في دعوى التثليث، فإنك إذا سألتهم قائلاً: كيف يكون الثلاثة واحداً والواحد ثلاثة؟ قالوا: إن معرفة هذا فوق طور العقل، ولا يجوز إعمال الفكر في ذلك) .
والجواب أن يقال: نعم، لما كان صريح العقل من هؤلاء الملاحدة وصحيح النظر منهم على ما زعموه مصادماً كل المصادمة لما اعتقدته الوهابية من التمسك بصريح الكتاب، وصحيح السنة وصريحها، والسلوك على طريقة سلف الأمة وأئمتها، نبذوا ما جاءت به عقول هؤلاء الملاحدة من نحاتة الأفكار، وزبالة الأذهان، وريح المقاعد، وراء ظهورهم، ولم يلتفتوا إلى ما موهوا به من هذه الشبهات التي زعموا أنها عقليات ويقينيات، فاعتقدوا متمسكين بنصوص الكتاب والسنة: أن الله تعالى على عرشه، وعلا عليه علواً حقيقياً، وأن الله تعالى له وجه ويدان، وأنه ينزل إلى السماء الدنيا، ويصعد نزولاً وصعوداً حقيقيين على ما يليق بعظمته وجلاله وعظيم سلطانه، كما يشاء أن ينزل وكما يشاء أن يصعد، وأنه يشار إليه في السماء إشارة حسية بالأصبع، كما أشار إليه أعرف الخلق به، بأصبعه رافعاً إلى السماء، بمشهد الجمع الأعظم،