فأقول: هذا تحريف لكلام الشيخ، فإن الشيخ لم يقل حتى تتبين له الحجة ... إلى آخره، وإنما هي زيادة عراقية، وإنما قال الشيخ:(ولكن لغلبة الجهل وقلة العلم بآثار الرسالة من المتأخرين لم يمكن تكفيرهم حتى يبين لهم ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم) .
فقوله:(حتى تتبين له الحجة بياناً واضحاً لا يلتبس على مثله) إنما هو فهم الحجة، وفرق بعيد بين قيام الحجة وفهم الحجة، فإن من بلغته دعوة الرسل فقد قامت عليه الحجة، إذا كان على وجه يمكن معه العلم.
ولا يشترط في قيام الحجة أن يفهم عن الله ورسوله ما يفهمه أهل الإيمان والقبول والإنقياد لما جاء به الرسول، قال تعالى:{أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً}[الفرقان:٤٤] ، وقال:{خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ}[البقرة:٧] ، وقال تعالى:{وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ}[الإسراء: ٤٦] إلى غير ذلك من الآيات في هذا المعنى.
ويقال أيضاً: فرض كلام شيخ الإسلام وتقديره في الأمور التي قد يخفى دليلها، مما ليس هو من ضروريات الدين، ولا هو من الأمور الجلية، بل هو في الأمور النظرية والاجتهادية. والله أعلم.