مشركي هذه الأزمان، إنما عبدوهم بالفعل والاعتقاد فيهم، وتوسلوا بهم، وقصدوهم لأجل التبرك بهم، والاستشفاع بجاههم، لا لأجل أنهم مستحقون للعبادة، ولا أنهم مستقلون بالخلق والإيجاد، والنفع والضر -وأيضاً- فإن مجرد ارتكاب فعل أو قول، أو اعتقاد لغير الله، مما يعد من العبادة من الدعاء والذبح -وما تقدم ذكره- موقع في الإشراك، سواء وجد معه اعتقاد ألوهية غير الله أم لا.
وأما قوله:(الرابع: إن المشركين قصدوا بعبادة أصنامهم التقرب إلى الله تعالى، كما حكى الله، وأما المسلمون فلم يقصدوا بتوسلهم بالأنبياء وغيرهم التقرب إلى الله تعالى لما أن التقرب إليه لا يكون إلا بالعبادة، ولذلك قال الله حكاية عن المشركين:{مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى}[الزمر: ٣] ، بل المسلمون قصدوا التبرك والاستشفاع بهم، والتبرك بالشيء غير التقرب به، كما لا يخفى) .
فالجواب أن نقول: وهكذا حال مشركي العرب مع أوثانهم، إنما كانوا يعتقدون حصول البركة منها، بتعظيمها ودعائها والاستغاثة بها، والاعتماد عليها في حصول ما يرجونه منها، ويؤملونه ببركتها وشفاعتها، وغير ذلك،