للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالتبرك بالصالحين أو بقبورهم، كالتبرك باللات، وبالأشجار والأحجار، كالعزى ومناة، من جملة فعل أولئك المشركين، مع تلك الأوثان، فمن فعل مثل ذلك، واعتقد في قبر أو صاحبه، أو حجر أو شجر، فقد ضاهى عباد هذه الأوثان فيما كانوا يفعلونه معها من هذا الشرك، على أن الواقع من هؤلاء المشركين في هذه الأزمان مع معبوديهم أعظم مما وقع من أولئك، فمن دعا غير الله، واستغاث به ولجأ إليه، وصرف له شيئاً من خالص حق الله، كان هذا الفعل منه بهذا القصد شركاً، بدليل ما رواه الترمذي، وصححه عن أبي واقد الليثي قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى حنين، ونحن حدثاء عهد بكفر، وللمشركين سدرة يعكفون عندها، وينطون بها أسلحتهم، يقال لها: ذات أنواط، فمررنا بسدرة، فقلنا: يا رسول الله: اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الله أكبر إنها السنن، قلتم -والذي نفسي بيده- كما قالت بنو إسرائيل لموسى {اجْعَلْ لَنَا إِلَهاً كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ} [الأعراف: ١٣٨] ، لتتبعن سنن من كان قبلكم" ١.


١ اخرجه أحمد في المسند ٥/٢١٨، والترمذي في كتاب الفتن من جامعه ٤/٤٧٥، والنسائي في الكبرى كما في تحفة الأشراف ١١/١١٢، والاقتضاء لشيخ الإسلام ١/١٤٦، والشافعي كما في بدائع المنن ٢٣، والطيالسي في مسنده ص ١٩١، وعبد الرزاق في المصنف ١١/٣٦٩، وابن أبي شيبة في المصنف ١٥/١٠١، والحميدي في المسند ٢/٣٧٥، وابن أبي عاصم في السنة ١/٣٧، والمروزي في السنة ص ١١-١٢، والطبراني في الكبير ٣/٢٧٥-٢٧٦، وابن حبان في صحيحه -الإحسان- ٨/٢٤٨، والبيهقي في دلائل النبوة ٥/١٢٤-١٢٥، وفي المعرفة ١/١٠٨، وابن إسحاق -كما في سيرة ابن هشام- ٤/٧٠-٧١، والبغوي في تفسيره ٣/٥٤٤ –حاشية ابن كثير- جميعهم عن سنان بن أبي سنان عن أبي واقد الليثي ... به.

<<  <   >  >>