وكان لهم أتباع يقتدون بهم، فلما ماتوا قال أصحابهم: لو صورنا صورهم كان أشوق لنا إلى العبادة، فصوروهم فلما ماتوا، وجاء آخرون دب إليهم إبليس، فقال: إنما كانوا يعبدونهم، وبهم يسقون المطر، فعبدوهم. انتهى.
فالشيطان هو الذين زين لهم عبادة الأصنام، وأمرهم بها، فصار هو معبودهم في الحقيقة، كما قال تعالى:{أَلَم أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ. وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ. وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلّاً كَثِيراً أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ}[يس:٦٠-٦١-٦٢] . وهذا يفيد الحذر من الغلو، ووسائل الشرك، وإن كان القصد بها حسناً، فإن الشيطان أدخل أولئك في الشرك من باب الغلو في الصالحين، والإفراط في محبتهم –كما قد وقع مثل ذلك في هذه الأمة- أظهر لهم الغلو والبدع في قالب تعظيم الصالحين ومحبتهم، ليوقعهم فيما هو أعظم من ذلك من عبادتهم لهم من دون الله.
وفي رواية أنهم قالوا: ما عظم أولونا هؤلاء إلا وهم يرجون شفاعتهم عند الله. أي يرجون شفاعة أولئك الصالحين الذي صوروا تلك الأصنام على صورهم، وسموها بأسمائهم، ومن هنا يعلم أن اتخاذ الشفعاء ورجاء شفاعتهم بطلبها منهم شرك بالله.