قال ابن القيم رحمه الله: وما زال الشيطان يوحي إلى عباد القبور، ويلقي أن البناء والعكوف عليها من محبة أهل القبور، من الأنبياء والصالحين، وأن الدعاء عندها مستجاب، ثم ينقلهم من هذه المرتبة إلى الدعاء بها، والإقسام على الله بها، فإن شأن الله أعظم من أن يقسم عليه، أو يسأل بأحد من خلقه.
فإذا تقرر ذلك عندهم نقلهم منه إلى دعائه، وعبادته، وسؤاله الشفاعة من دون الله، واتخاذ قبره وثناً تعلق عليه القناديل والستور، ويطاف به، ويستلم ويقبل، ويحج إليه ويذبح عنده.
فإذا تقرر هذا عندهم، نقلهم إلى دعاء الناس إلى عبادته، واتخاذه عيداً ومنسكاً ورأوا أن ذلك أنفع لهم في دنياهم وأخراهم، وكل هذا مما قد علم بالاضطرار من دين الإسلام أنه مضاد لما بعث الله به رسوله صلى الله عليه وسلم من تجريد التوحيد، وأن لا يعبد إلا الله.
فإذا تقرر ذلك عندهم، نقلهم منه إلى أن من نهى عن ذلك فقد تنقص أهل الرتب العالية، وحطهم عن منزلتهم، وزعم أنه لا حرمة لهم، ولا قدر، وغضب المشركون، واشمأزت قلوبهم، كما قال تعالى: {وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ