القادر والعاجز، إذ كان مجرد الاقتران لا اختصاص له بالقدرة، فإن فعل العبد يقارن حياته وعلمه وإرادته، وغير ذلك من صفاته، فإن لم يكن للقدرة تأثير إلا مجرد الاقتران فلا فرق بين القدرة وغيرها، وكذلك قول من قال: القدرة مؤثرة في صفة الفعل، لا في أصله، كما يقوله القاضي أبو بكر، ومن وافقه، فإنه أثبت تأثيراً بدون خلق الرب، فلزم أن يكون بعض الحوادث لم يخلقه الله تعالى، وإن جعل ذلك معلقاً بخلق الرب فلا فرق بين الأصل والصفة.
وأما أئمة السنة وجمهورهم فيقولون ما دل عليه الشرع والعقل، قال تعالى:{سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَنْزَلْنَا بِهِ الْمَاءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ}[الأعراف: ٥٧] ، وقال:{وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا}[البقرة: ١٦٤] ، وقال تعالى:{يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ}[المائدة: ١٦] ، وقال تعالى:{يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً} ١ [البقرة: ٢٦] ومثل هذا كثير في الكتاب والسنة، يخبر الله تعالى أنه يحدث الحوادث بالأسباب. انتهى المقصود منه.
١ من هنا إلى ص ٥٠٠ بياض بالأصل (الطبعة الهندية) وقد رجعت إلى أكثر من نسخة فتتفق في هذا البياض، وهو من ص ٥٨٦ إلى ص ٥٩٣.