والقرآن ناطق بحصر الدعاء عن كل أحد لا من الأحياء ولا من الأموات، سواء كانوا أنبياء أو صالحين أو غيرهم، وسواء كان الدعاء بلفظ الاستغاثة أو بغيرها، فإن الأمور غير المقدورة للعباد لا تطلب إلا من خالق القدر، ومنشيء البشر، كيف والدعاء عبادة، وهي مختصة به سبحانه.
بقي ما أدلى به العراقي وأضرابه علينا من حياة الأنبياء، ليتوصلوا به إلى ترويج مدعاهم، من استحسان دعائهم، وطلب إغاثتهم، وأولوه بأن مرادهم من ذلك الاستشفاع: طلب أن يدعوا لهم.
فنقول: هذا حق ثابت، فنعتقد حياتهم صلى الله تعالى عليهم وسلم حياة برزخية، فوق حياة الشهداء، وأن نبينا صلى الله عليه وسلم قد جعل عند قبره الشريف ملك يبلغه سلام المسلمين الذين عند ضريحه المكرم والنائبين عنه. وأن الأنبياء جميعهم طريون، لا تأكل الأرض أجسامهم الشريفة. ولكنا نمنع أن يطلب منهم شيء، فلا يسألوا شيئاً بعد وفاتهم، سواء كان بلفظ الاستغاثة، أو توجه أو استشفاع، أو غير ذلك، فجميع ذلك من وظائف الألوهية، فلا يليق جلعلها لمن يتصف بالعبودية من البرية.
فإن ادعى أحد أن حياتهم صلى الله تعالى عليهم وسلم إذا ثبتت الرواية بها حقيقة- كما هو الأصل في