للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الأكبر، وقرنه بالتوكل على غير الله، والعمل لغيره، والإنابة والخضوع، والذل لغير الله، وابتغاء الرزق من عند غيره، وقد تقدم ذلك فراجع كلامه في موضعه تعرف كذب هذا العراقي على الله وعلى رسوله صلى الله عليه وسلم وعلى أولي العلم من خلقه، فرحم الله امرأ نظر لنفسه قبل أن تزل قدمه، ويحال بينه وبين العمل.

وكذلك الشيخ صرح بأنه معصية، والمعصية تصدق بالشرك وغيره من الكبائر إذا أطلقت. واستدلال المعترض بأنه لم يقل: هذا النذر كفر مخرج عن الملة. فإطلاق المعصية كاف في المقصود. وأيضاً فالكفر إنما يطلق بعد قيام الحجة. وقول العراقي: (فكيف يكفر من نذر لأحد الأنبياء وقصده لوجه الله) . ففي هذه العبارة شيئان:

الأول: استبعاده تكفير من نذر للأنبياء، وجعله ذلك دون النذر للشجرة والبقعة، مع أن الفتنة بقبور المعظمين أشد محنة من الشجر والبقاع، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "اللهم لا تجعل قبري وثناً يعبد، اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد" ١، فالشرك بالأنبياء والصالحين أخوف وأعظم فتنة، كما هو معروف.


١ أخرجه الإمام مالك في "الموطأ" –كتاب قصر الصلاة في السفر- باب جامع الصلاة ١/١٧٢ عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكره.
قال ابن عبد البر رحمه الله تعالى: لا خلاف عن مالك في إرسال هذا الحديث اهـ.
وقد ورد موصولاً من غير طريق مالك. فأخرجه أحمد في "المسند" ٢/٢٤٦، ثنا سفيان عن حمزة بن المغيرة عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: " اللهم لا تجعل قبري وثناً. لعن الله قوماً اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد".

<<  <   >  >>