للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الأدلة من القرآن على أن الخضر مات]

أما القرآن: فقد قال الله تبارك وتعالى للنبي صلى الله عليه وسلم {وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِينْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ} [الأنبياء:٣٤] أي: إن كتبنا عليك الموت مع جلالتك وقربك منا واصطفائنا لك وأنت سيد ولد آدم ولا فخر، وأنت أول من يهز حلق الجنة، وأول من تنشق عنه الأرض، وأول من يدخل الجنة من النبيين بل من الخلق، وأول شافع ومشفع، أفإن مت يكون هؤلاء الذين لم تتوفر لهم هذه الصفات هم الخالدون.

ونحن نسأل: هل الخضر بشر أم جني؟ لا يشك أحد أنه بشر، فإن كان من البشر شمله عموم الآية بل لا شك في ذلك عند جميع العلماء: {وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِينْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ} [الأنبياء:٣٤] إن كان من البشر شملته الآية {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ} [آل عمران:١٨٥] ولفظة (كل) عند العلماء: تفيد العموم ولم يخرج عن هذا العموم أحد -أي: في الدنيا- إلا إبليس لعنه الله، وعيسى عليه السلام بدلالة النص الخاص بكل منهما.

ولو أخذنا الآية على جميع أفرادها وجميع زمانها صار الكل فانياً.

الدليل الثاني من القرآن: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ} [آل عمران:٨١] .

والخضر نبي: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ} [آل عمران:٨١] فلا شك أنه داخل في هذه الجملة، ولا نعلم في حديث صحيح ولا حسن ولا ضعيف ضعفاً منجبراً أن الخضر جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وآمن به وصدقه وجاهد معه، فأين كان؟ وقد أخذ الله الميثاق على جميع الأنبياء الذين يأتي النبي صلى الله عليه وسلم وهم أنبياء أخذ عليهم الميثاق أنه إذا ظهر هذا النبي الخاتم صلى الله عليه وسلم أنه يجب عليهم أن يأتوه ويعزروه وينصروه، فإن كان الخضر حياً فأين كان؟ أليس هذا من الطعن في الخضر وأنه خالف ميثاق الله عز وجل ولم يجد لنصرة النبي عليه الصلاة والسلام، أليس القول ببقائه من باب الطعن فيه؟ بلى.

وبهذا احتج ابن الجوزي رحمه الله على أن الخضر مات.

<<  <  ج: ص:  >  >>