للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[لقيا موسى بالخضر عليهما السلام]

إن الحمد لله تعالى، نحمده ونستعين به ونستغفره، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهد الله تعالى فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران:١٠٢] .

{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء:١] .

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} [الأحزاب:٧٠-٧١] .

أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

لما نسي موسى وفتاه الحوت، ثم ذكراه وجعل الله علامة وجود الخضر أن يقفز الحوت في البحر، أي: بعد أن ترجع الروح إليه، هنا يكون الخضر.

فعندما قال موسى لفتاه: {آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا} [الكهف:٦٢] ، حينئذٍ تذكر الغلام أن الحوت قفز هناك عند الصخرة: {قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا * قَالَ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ} [الكهف:٦٣-٦٤] هذه بغيتنا وليس مهماً أن نأكل الحوت، المهم أن وجدنا المعلم والأستاذ {فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا} [الكهف:٦٤] أي: رجعا يقصان آثارهما.

ومعنى (قصصاً) : هو إعادة الشيء كما لو قلت لك: قص علي ما جرى لك، فترجع القهقرى إلى الماضي فتقص عليَّ ما جرى، فهنا: {فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا} [الكهف:٦٤] أي: جعلا يعيدان المشي على آثار الأقدام مرة أخرى، (يقص قدمه) أي: يمشي على أثره تارة أخرى.

وأول ما ذهب إلى هناك وجد الحوت المملح بعد أن ردت إليه الروح حبسه الله عز وجل في دائرة حتى تكون علامة على وجود المعلم، حينئذٍ نظر موسى عليه السلام فوجد الخضر، قال تعالى: {فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا} [الكهف:٦٥] هذا هو المعلم الذي آتاه الله عز وجل من عنده علماً لا يوجد عند موسى عليه السلام.

هذا المعلم اسمه (الخضر) وسمي بهذا الاسم لأنه جلس ذات مرة على فروة بيضاء فإذا هي تهتز خضراء، وليست فروة الخروف، إنما الفروة: المكان الذي به الحشائش اليابسة، فهذا النبات اليابس صعد عليه فاهتز أخضر، فسمي الخضر لأجل هذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>