للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[العلم الذي كتمه أبو هريرة ليس مما يحتاج إليه]

قال أبو هريرة: (إني أخذت جرابين من علم فأما واحد فبسطته فيكم، وأما الآخر فلو قلته لقطع مني هذا البلعوم أو هذا الحلقوم) وهذا لا دلالة فيه للباطنية للآتي: أولاً: أنه لا يجوز كتمان العلم الشرعي، فلو أتى رجل وقال: يا أبا هريرة إني بعدما توضأت أكلت طعاماً هل عليَّ وضوء؟ لا ينبغي لـ أبي هريرة أن يكتم هذا العلم؛ لأنه لو كتمه لصار هذا الرجل لا يعرف أصلاته صحيحة أم باطلة، ووضوءه صحيح أم باطل.

ولو قال له: إني قمت من النوم جنباً ووجدت ولم أجد ماء، أأترك الصلاة حتى أجد الماء أم ماذا أفعل؟ ينبغي على أبي هريرة أن يقول له

الجواب

إن فقدت الماء وأنت جنب فتيمم لرفع الجنابة ولا ينبغي لأي صحابي أو تابعي أن يكتم مثل هذا العلم.

أما العلم الذي كتمه أبو هريرة فهو علم الفتن والملاحم التي تكون بين يدي الساعة، فإن الملوك وأعوان الملوك يدخل عليهم الغم أن يعلموا أن دولتهم ستزول، فلو قال أبو هريرة: إني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول مثلاً: إن ملك بني أمية سيزول، لعلهم يقتلونه، مع أن هذا ليس فيه شيء من العلم الذي ينتفع به الناس، فكتمانه لا شيء فيه.

ولذلك قال عبد الله بن عمر: (والله لو حدثكم أبو هريرة فقال: إنكم تهدمون بيت الله، لقلتم: كذب أبو هريرة، ولو حدثكم أبو هريرة فقال: إن أميركم سيضرب الكعبة بالمنجنيق فيهدمها؛ لقلتم: كذب أبو هريرة) هذا هو العلم الذي خبأه أبو هريرة ولا فائدة للعامة فيه.

ولذلك مما يدل عليه أن أبا هريرة قال: (اللهم أني أعوذ بك من رأس الستين وإمارة الصبيان) ما هو رأس الستين وما هي إمارة الصبيان التي استعاذ منها أبو هريرة؟ رأس الستين، أي: سنة ستين هجرية، ففي سنة ستين هجرية صار يزيد بن معاوية هو الأمير، فهذه هي إمارة الصبيان.

الله عز وجل استجاب لـ أبي هريرة فمات سنة ثمانية وخمسين، وفي رواية: (سنة تسع وخمسين) .

هذا من العلم الذي كتمه أبو هريرة، ولو أتى وقال: إنك صبي غر ستأخذ الإمارة على رأس ستين لقتلوه.

فالمقصود أن أبا هريرة كتم علماً لا يهم العامة ولا ينبني عليه عمل يذكر، إنما هو في الفتن والملاحم وفي دلائل النبوة.

<<  <  ج: ص:  >  >>