لَهِوَى القُلُوبِ سرِيرةُ لا تُعْلَمُ ... عَرَضا نَظَرْتُ خِلْتُ أني أسْلمُ
قال السيخ:) عرضا (يحتمل نصبه وجهين أحدهما: أن يكون المراد نظرت نظرة عرضا، والآخر أن يكون عرض مفعولا، أي نظرت عرضا من أعراض الدنيا.
يا أُختَ مُعتنِق الفَوارِسِ في الوَغى ... لأخُوِكِ ثَمَّ أرَقُّ مِنْكِ وأرْحَمُ
قال ابن جني: يرميه بأخته وبالابنة، وقوله ثم إشارة إلى المكان الذي يخلو فيه للحال المكروهة.
وقال الشيخ: ظن بعض الناس أنه يريد بهذا البيت ابن كيغلغ، وليس الأمر كذلك، إنما هو تشبيب عرض له ونظر فيه إلى الطائي:
بِأبِي مَنْ إذا رآها أبُوهَا ... قال بالغَيبِ ليتَ أنَّا مَجُوسُ
ويدل على أنه لم يعن به الهجو أن الأبيات التي بعده ليس فيها دليل على غير التشبيب، وقوله) يا أخت معتنق الفوارس (يصف أخاها بالشجاعة، لأن الاعتناق للفرسان تفتخر به الشجعان، ويمدح به السادة قال الشاعر:
أُعانِقُ في الحَربِ الكِرامَ وأبتغي ... قيودَ المِئينِ في الصِباحِ وفي الدُهمِ
يقال فلان قيد مائة، أي إذا أسر فدى بمائة من الإبل، ومنه قول الراعي:
وكان لَها في سَالفِ الدَّهرِ فَارسُ ... إذا مَا رَأى قَيَدَ المئينِ يُعانِقُه
ووصف المرأة بأنها فظة القلب، وبالغ في ذلك، فجعل أخاها الذي يعتنق الفوارس أرق منها قلبا) وثم (إشارة إلى الموضع الذي تعتنق فيه الفرسان.
يُؤذِي القَليلَ مِنَ اللِئامِ بِطَبعِهِ ... مَنْ لا يَقِلُّ كَما يقِلذُ وَيَلْؤُمُ
قال الشيخ: يقول) يؤذي القليل من اللئام بطبعه (اللئيم من ليس هو قليلا كقلة المؤذي، ولؤم المضارع من لؤم، وهو معطوف على قوله) يقل (ويقال لئيم الأصل، ووزنه فعيل، كما يقال كرم فهو كريم، وقالوا رجل ليم قال عبيد الله بن قيس الرقيات:
وإذا حَبوتَ اللَّيْمَ منكَ صنيعة ... كتم الصنيعة لؤمُه فَلواكَها
يريد لواك إياها من لي الدين أي مطله والذين قالوا الليم هم الذين قالوا روس جمع رأس، قال الشاعر:
إنما هِندٌ كَشَمْسٍ بَدَرَتْ ... يَوْمَ عِيدٍ فَوْقَ روسِ الجِبالْ
وَمَنَ البَلِيّة عَذلُ مَنْ لا يَرْعوِي ... عن جَهلِهِ وَخِطَابُ مَنْ لا يَفْهمُ
قال الشيخ: الارعواء الرجوع إلى الشيء، يقال قد ارعوى فلان إلى الدين أي قد رجع إليه، وحكي عن أبي بكر الخياط النحوي، وكان فيما قيل يعرف مذهب البصريين والكوفيين، أنه قال أقمت عشر سنين اسأل عن وزن ارعوى فلم أجد من يعرفه، وأصله عند النحويين ارعو في وزن أحمر وأصل أحمر احمرر، فكأنهم لما لم يأت في كلامهم واوان مجتمعان، فروا إلى أن يجعلوا الواو الثانية في ارعو الفا، فيقولوا ارعوى، ولو قيل ابنوا من الغزو مثل أفعل لوجب لأن يقال اغزوى، والأصل أغزو كما تقدم في ارعو وكذلك لو قيل ابنوا من قضيت مثل أفعل لوجب أن يقول اقضيا، فتقلب الياء الآخرة ألفا ولا يجوز أن تحمله على قولك قدحي فلان بالمكان أي حيي به، وقد عي بالمكان أي عيي به، قال عبيد بن الأبرص:
عَيّوا بأمرهِمُ كَما ... عَيَتْ بِبيْضَتِها الحمامَهُ
جَعَلتْ لها عُودَينِ من ... نشَمٍ وآخر من ثمامَهْ
وإنما جاء في هذا الباب هاتان اللفظتان وكلاهما على فهل بكسر العين ولم يأت شيء على فعل فيشبه به أق وارعو، قال يزيد بن الحكم:
جَمَعتَ وفُحشْاً غِيبةً ونَميمةً ... ثَلاثَ خِلالٍ لستَ عنها بمرعوِ
وقد جاء في هذه القصيدة اسمان يجريان مجرى مرعو، وهما محجو في معنى منقبض مجتمع، ومدحو مأخوذ من الدحو وهو البسط في قولهم دحا الله الأرض أي بسطهان وفيها موضع ثالث وهو مجدو من الجدوى.
ومن التي أولها: مَلُومكمُا يجلُّ عَنِ المَلامِ
عُيُونُ رَوَاحِلي إنْ حِرْتُ عَيْني ... وكُلُّ بُغامِ رَازِحَةٍ بُغامِي
قال ابن جني: سألته عن معنى هذا البيت فقال: معناه إن حارت عيني فعيون رواحلي عيني: وبغامهن بغامي أي إن حرت فأنا بهيمة مثلهن.