للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ظهرا، ثم تهافتت شفعاً ووترا. قبضه الله فارتاعت الأمة، وانبسطت الظلمة، ووقفت الرحمة واضطربت الملة، وقامت نوادب المجد، وأصبح الناس من القيامة على وعد. إن المصاب به فت الأعضاد، وفتت الأكباد. إن المجد بعده لجاري الدمع، وإن الفضل لمزعج النفس، وإن الكرم لحرج الصدر، وإن الملك لواهي الظهر. كتابي وأنا من الحياة متذمم، وبالعيش متبرم. بعد ما هوى الطود الشامخ، وزال الجبل الباذخ، ونطقت نوادب المجد، وأقيمت مآتم الفضل. نعي فلان فتنكر وجه الدهر، وقبضت مهجة العز والفخر. فلا قلب إلا قد تبين صدعه، ولا عين إلا وهي ترشح بالدم.

ما يختص من ذلك بأبناء النبوة

قد نعي سليل من سلالة النبوة، وفرع من شجرة الرسالة، وعضو من أعضاء الرسول، وجزء من أجزاء الوصي والبتول، كتبت وليتني ما كتبت فإني ناعي الفضل من أقطاره، وداعي المجد إلى شق ثوبه وصداره، ومخبر بأن شمس الشرف كاسفة، وأرض الكرم راجفة، والمآثر مودعة، وبقايا النبوة مرتفعة، وآمال الإمامة منقطعة، والدين منخزل واجم، وللتقوى دمعان هام وساجم. كتابي وقد شلت يمين الدهر، وفقئت عين المجد، وقصر باع الفضل، وكسفت شمس المساعي، وخسفت قمر المعالي، وتجدد في بيت الرسالة رزء جدد المصائب، واستعاد النوائب، كل هذا لفقد من حط الكرم بربعه ثم أدرج في برده، وامتزج المجد فدفن بدفنه. إنها المصيبة عمت بيت الرسالة، وغضت طرف الإمامة، وتحيفت جانب الوحي المنزل، وأذكرت بموت النبي المرسل. كتبت تنعي مهجته والمجد يندب بهجته، ومهابط الوحي والرسالة تحني ظهورها أسفاً، ومعادن الوصية والإمامة تذري دموعها لهفاً، وذاك لأن حادث قضاء الله استأثر بفرع النبوة، وعنصر الدين والمروة.

<<  <   >  >>