للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

جَمْعُ الْآرَاءِ الْمُشَتَّتَةِ، وَارْتِبَاطُ الْأَهْوَاءِ الْمُتَفَاوِتَةِ، وَلَيْسَ بِالْخَافِي عَلَى ذَوِي الْبَصَائِرِ أَنَّ الدُّوَلَ إِنَّمَا تَضْطَرِبُ بِتَحَزُّبِ الْأُمَرَاءِ، وَتَفَرُّقِ الْآرَاءِ، وَتَجَاذُبِ الْأَهْوَاءِ، وَنِظَامُ الْمُلْكِ، وَقِوَامُ الْأَمْرِ بِالْإِذْعَانِ، وَالْإِقْرَارُ لِذِي رَأْيٍ ثَابِتٍ لَا يَسْتَبِدُّ، وَلَا يَنْفَرِدُ، بَلْ يَسْتَضِيءُ بِعُقُولِ الْعُقَلَاءِ، وَيَسْتَبِينُ بِرَأْيِ طَوَائِفِ الْحُكَمَاءِ، وَالْعُلَمَاءِ، وَيَسْتَثْمِرُ لُبَابَ الْأَلْبَابِ، فَيَحْصُلُ مِنِ انْفِرَادِهِ الْفَائِدَةُ الْعُظْمَى فِي قَطْعِ الِاخْتِلَافِ، وَيَتَحَقَّقُ بِاسْتِضَاءَتِهِ اسْتِثْمَارُ عُقُولِ الْعُقَلَاءِ.

٢٥٤ - فَالْغَرَضُ الْأَظْهَرُ إِذًا مِنَ الْإِمَامَةِ لَا يَثْبُتُ إِلَّا بِانْفِرَادِ الْإِمَامِ، وَهَذَا مُغْنٍ بِوُضُوحِهِ عَنِ الْإِطْنَابِ وَالْإِسْهَابِ، مُسْتَنِدٌ إِلَى الْإِطْبَاقِ وَالِاتِّفَاقِ، إِذْ دَاعِيَةُ التَّقَاطُعِ وَالتَّدَابُرِ وَالشِّقَاقِ رَبْطُ الْأُمُورِ بِنَظَرِ نَاظِرَيْنِ، وَتَعْلِيقُ التَّقَدُّمِ بِأَمِيرَيْنِ، وَإِنَّمَا تَسْتَمِرُّ أَكْنَافُ الْمَمَالِكِ بِرُجُوعِ أُمَرَاءِ الْأَطْرَافِ إِلَى رَأْيٍ وَاحِدٍ ضَابِطٍ، وَنَظَرٍ مُتَّحِدٍ رَابِطٍ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ مَوْئِلٌ عَنْهُ يَصْدُرُونَ، وَمَطْمَحٌ إِلَيْهِ يَتَشَوَّفُونَ، تَنَافَسُوا وَتَتَطَاوَلُوا، وَتَغَالَبُوا وَتَصَاوَلُوا، وَتَوَاثَبُوا عَلَى

<<  <   >  >>