للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢٦٢ - وَأَمَّا الْإِمَامَةُ فَهِيَ الْغَايَةُ الْقُصْوَى، وَلَيْسَ بَعْدَهَا تَقْدِيرُ مَرْجُوعٍ إِلَيْهِ وَمَتْبُوعٍ ; فَيَسْتَحِيلُ فَرْضُ إِمَامَيْنِ نَافِذَيِ الْحُكْمِ عُمُومًا.

فَإِذَا عُقِدَتِ الْإِمَامَةُ لِرَجُلَيْنِ كَمَا سَبَقَ تَصْوِيرُهُ، نُظِرَ: فَإِنْ وَقَعَ الْعَقْدَانِ مَعًا، لَمْ يَصِحَّ وَاحِدٌ مِنْهُمَا، وَيَبْتَدِئُ أَهْلُ الِاخْتِيَارِ عَقْدَ الْإِمَامَةِ لِمُسْتَصْلِحٍ لَهَا، وَإِنْ تَقَدَّمَ أَحَدُ الْعَقْدَيْنِ، فَهُوَ النَّافِذُ، وَالْمُتَأَخِّرُ مَرْدُودٌ. وَإِنْ غَمُضَ التَّارِيخُ، وَعَسُرَ إِثْبَاتُ الْمُتَقَدِّمِ مِنْهَا بِالْبَيِّنَةِ، كَانَ كَمَا لَوْ تَحَقَّقْنَا وُقُوعَ الْعَقْدَيْنِ مَعًا، إِذْ لَا وَجْهَ لِتَعْطِيلِ الْبَيْضَةِ عَنْ مَنْصِبِ الْإِمَامِ، وَلَا سَبِيلَ إِلَى تَرْكِ الْأَمْرِ مُبْهَمًا، مَعَ تَحْقِيقِ الْيَأْسِ مِنْ الِاطِّلَاعِ عَلَى تَارِيخِ الْإِنْشَاءِ وَالْإِيقَاعِ. وَلَوِ ادَّعَى أَحَدُ الْمُخْتَارَيْنِ تَقَدُّمًا، وَرَامَ تَحْلِيفَ الثَّانِي لَمْ يُجَبْ إِلَيْهِ، فَإِنَّ هَذَا الْخَطْبَ الْعَظِيمَ يَجِلُّ عَنِ الْإِثْبَاتِ بِالْيَمِينِ وَالنُّكُولِ، وَالْإِمَامُ نَائِبٌ عَنِ الْمُسْلِمِينَ أَجْمَعِينَ، وَلَا سَبِيلَ إِلَى تَحْلِيفِ النَّائِبِ، وَمَقْصُودُ الْحَقِّ لِغَيْرِهِ، فَهَذَا الْمِقْدَارُ مُقْنِعٌ كَافٍ فِي غَرَضِ الْبَابِ.

[الْبَابُ الثَّامِنُ فِيمَا يُنَاطُ بِالْأَئِمَّةِ وَالْوُلَاةِ مِنْ أَحْكَامِ الْإِسْلَامِ]

[مقدمات الباب]

<<  <   >  >>