للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَالْإِمَامُ يَبْدَأُ فِيهِ بِالْأَهَمِّ فَالْأَهَمِّ، فَإِنْ مَسَّتِ الْحَاجَةُ إِلَى ضَمِّ طَائِفَةٍ مِنْهُ إِلَى مَالِ الْمُرْتَزِقَةِ، أَوْ صَفِرَ بَيْتُ الْمَالِ عَنِ الْفَيْءِ، فَأَهَمُّ الْمَصَالِحِ تَمْهِيدُ كِفَايَةِ الْمُرْتَزِقَةِ، وَإِنْ لَمْ تَفِ الزَّكَوَاتُ بِحَاجَاتِ الْمَحَاوِيجِ سَدَّ الْإِمَامُ حَاجَتَهُمْ بِمَالِ الْمَصَالِحِ.

فَإِذًا مَالُ الْمَصَالِحِ مُعَدٌّ لِكُلِّ مَصْلَحَةٍ لَيْسَ لَهَا عَلَى الْخُلُوصِ وَالْخُصُوصِ مَالٌ، وَكُلُّ مَصْرِفٍ قَصُرَ عَنْهُ الْمَالُ الْمُعَدُّ لَهُ، فَمَالُ الْمَصَالِحِ يَسْتَتِمُّهُ وَيَسْتَكْمِلُهُ، وَلَوْ فُرِضَ زَوَالُ الْحَاجَاتِ، وَارْتِفَاعُ الضَّرُورَاتِ، فَهَؤُلَاءِ يَقُولُونَ: فَاضِلُ مَالِ الْمَصَالِحِ يُبْنَى بِهِ الرِّبَاطَاتُ وَالْقَنَاطِرُ وَالْمَسَاجِدُ وَغَيْرُهَا مِنْ جِهَاتِ الْخَيْرِ.

٣٥٨ - فَحَاصِلُ هَذَا الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يَبْقَى فِي مُنْقَرَضِ كُلِّ سَنَةٍ فِي بَيْتِ الْمَالِ مَالٌ، وَيُرَتِّبُ فِي اسْتِقْبَالِ السَّنَةِ الْمُنْتَظَرَةِ أَمْوَالَهَا.

وَهَؤُلَاءِ يَسْتَدِلُّونَ بِسِيرَةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ، فَإِنَّهُمْ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ - مَا كَانُوا يَسْتَظْهِرُونَ بِأَمْوَالٍ وَذَخَائِرَ، وَهُمْ أُسْوَةُ مَنْ بَعْدَهُمْ فِي أُمُورِ الْإِمَامَةِ، إِنْ حَاوَلُوا السَّدَادَ وَالِاسْتِقَامَةَ.

<<  <   >  >>